13نيسان وسر صمود هذا الوطن

Views: 763

المحامي روك فغالي 

١٣  نيسان وسر صمود هذا الوطن الذي اثبت أنه في الملمات لاسيما في حرب كورونا العالمية انه افعل من اكبر دول العالم .لقد كتبت في آخر مقال أن سر هذا التفوق هو الاخلاق التي كادت أن تُفقد في الدول التي سميت متقدمة.ثم تسائلت عن سر حفاظ اللبناني على أخلاقه رغم الحروب والضغوط التي مورست عليه .وتركت الجواب إلى المقال الحالي .وكما وعدت فاسكتب استنتاجي الشخصي لهذا السر وساكتبه في مناسبة الذكرى الوطنية الأليمة ذكري ١٣ نيسان .انطلاقة شرارة الحرب المقيتة حرب ١٩٧٥ .

بالواقع هل ذكرى ١٣ نيسان هي ذكرى اليمة ام هي الم مستمر وحرب باقية باوجه مختلفة وبأدوات منتقات وفقا للظروف.لقد توهم اللبناني أن هذه الحرب قد انتهت عندما أزيلت المرابض المدفعية .ولكنه لم يدرك أن هذه المرابض قد استبدلت بمرابض أشد فتكا وايلاما وهي المرابض الإعلامية والمرابض السياسية. فكانت المرابض الإعلامية لتغذية تناقضات المرابض السياسية التي وضعت بالواجهة وبالمواجهة المستمرة باصطفافات متوازنة مدروسة وكأنها تم قياسها بميزان عالي الدقة .ومن خلال هذه الاصطفافات تمكّن من صَنع لنا يوم ١٣ نيسان من الإمساك باللعبة السياسية والاقتصادية بكل تفاصيلها .حتى أنه تمكن من استنزاف هذا الوطن حتى آخر نقطة مستبقيا سبابته على زلعومه ليضغط كلما شاء استنزافا. حتى وصل هذا الوطن إلى حرب كورونا منهوك القوى سياسيا واقتصاديا وماليا ومعنويا واجتماعيا .وكان من المفترض اعلان سقوطه نهائيا . ولكن رغم كل ذلك تمكن هذا الوطن المنهوك سياسيا وماديا واقتصاديا في هذه الحرب الوبائية العالمية كورونا من اثبات وجوده امام اهم دول العالم .وما ذلك الا بسبب قيمه الأخلاقية التي لم تتمكن المؤامرات المستمرة من إلغائها.

بالحقيقة أن سر بقاء هذه القيم بعكس ما يتوهم البعض لاسيما الشباب .هي في تعدد اديان هذا الوطن . وهذا السر الذي تنبه له البابا القديس جان بول الثاني .فحين وصف قداسته لبنان بالرسالة لم يكن ذلك لمسايرتنا بل كان ذلك بعد دراسة معمقة بروح ابوية .

اجل لقد تمكن الشيطان الارضي من الفتك بأخلاق البلدان ذات الدين الواحد فجعل فئة منها متطرفة دينيا تيوقراطية دكتاتورية لا تعير وزنا لحقوق الإنسان ولا لمعتقدات الاخر .وجعل من الأخرى لا تعير وزنا للقيم الدينية والاخلاق وأغلقت قسم كبير من الكنائس وحولتها متاحف وشرّعت الزواج المثلي وقتل الجنين والموت الرحيم “euthanasie ” أي أن تقتل المريض اذا يئس الطب من شفائه .وهذا ما حملهم في حرب كورونا إلى بدعة إجرامية أخطر من القتل الرحيم وهي اختيار العلاج وفقا للعمر .فكانوا يتركون كبار السن دون علاج ودون معيل بعد أن ابعدوا اولادهم عنهم بحجة الفردية والاستقلالية والإنتاجية. وبعد أن اوهموا المجتمع أن الدولة هي التي تتكفل بحماية كبار السن لا العائلة عن طريق نظام تعويضات نهاية الخدمة والشيخوخة .فإذا بهذه الدول تاخذ من مواطنيها نصف جنى عمرهم ،ضرائب بهذه الحجة، وتبعد اولادهم عنهم وتقسي قلوبهم بافكار ميكيافلية وفلسفية وجودية وثورية علمانية وزرادسترية التي تؤمن بإلغاء الإنسان غير المنتج .فإذا بهذه الدول تتامر على كبار السن وتسعى لالغائهم وجوديا كي لا تتكفل باعالتهم .وكل ذلك بسكوت اولادهم وتهربهم من حماية آبائهم وأمهاتهم. حتى أن البعض منهم كان يتقصد عدوى أهله ليتخلص منهم ليرث بيتهم الذي يعيش فيه مقابل ايجار يدفعه لأهله

فهل هذا الأمر يمكن أن يمر في لبنان بوجود الاديان السماوية .فإذا كان الدين الإسلامي قال لا تقل لاهلك “اف” والجنة تحت اقدام الأمهات فان الدين المسيحي جعل من العذراء ام الله ومن الله ابانا الذي في السموات .

واخيرا أن سر بقائنا هو حفاظنا على أخلاقنا وان سر حفاظنا على أخلاقنا هو حفاظنا على ديننا .

فلا ينجر الشباب الذين توهموا أن كل ما يعانوه اليوم هو نتيجة الطائفية فينبذون دينهم تهربا من الطائفية .ليس صحيح المشكلة ليست بتعدد الطوائف المشكلة بتعدي طائفة على طائفة أو محاولة طائفة السيطرة او الاستيلاء على حقوق طائفة أخرى .وهذا ما يجر عليه ويفتعله من يمسك المرابض السياسية الاصطفافية من الخارج والمدعومة من المرابض الاعلامية .فلا تنجروا وراء هذه الأفكار التدميرية صحيح هناك اخطاء تنتج عن بعض رجال الدين وتوزيع السلطة ولكن تأكدوا هي مفتعلة ويمكن معالجتها دون إلغاء الأصل . كل ما هو مطلوب احترام الاخر وعدم محاولة إلغائه. فهناك نعمة خصنا بها الله غير متوفرة عند غيرنا .فالعالم الإسلامي مثلا يعيد في رمضان والعالم المسيحي يعيد في عيد الميلاد .اما نحن في لبنان نعييد العيدين .فلا نحول هذه النعمة إلى نقمة .فمتى فهم الشباب هذا السر .استطعنا أن نضع حدا ليس فقط لحرب كورونا بل لحرب ١٩٧٥ وذيولها .ونجعل من ذكرى ١٣ نيسان مجرد ذكرى اليمة عوض أن يكون المنا المستمر هو الذكرى الأليمة.

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *