جشع وطمع!… ماذا بعد؟؟

Views: 113

أنطوان يزبك

 

 

انعدام السلطة يحدث الفساد والاستبداد، وانعدامها بدرجة مطلقة يحدث الفساد المطلق..

 

 

ذات يوم، قالت انديرا غاندي رئيسة وزراء الهند الراحلة:  “علينا أن نحذر الوزراء الذين لا يقومون بأي عمل  من دون مال، والآخرين الذين يرغبون في الحصول على كل شيء بالمال!..

هو المال إذن سبب الشرور  والحروب والنزاعات، وسبب اقتتال الناس وحقدهم وخراب بيوتهم.

ثلاث قوى تتحكّم بالعالم حسب أينشتاين:  “الغباء الخوف والجشع!” إضافة إلى  الطمع واستحالة الشبع، فلو امتلك الإنسان كنوز الدنيا والآخرة يبقى يطلب المزيد والمزيد!

 يحكى أنّ في أيّام الاحتلال العثماني لبلادنا ، قرر السلطان تعيين موظفين في الأسواق، من أجل مراقبة الأسعار في المتاجر ، بعد ازدياد شكاوى الناس وتفاقم أعمال النصب والاحتيال والبيع غير المشروع وتلاعب التّجار بأسعار السلع وتراكم الثروات، فتعالت الاحتجاجات الشعبيّة من كل حدب وصوب.

وبعد  مباشرة عملية مراقبة الأسواق، اهتدى التجّار الفجّار إلى وسيلة شيطانية ألا وهي دفع الرشاوى مباشرة إلى موظفي السلطان، واستمالتهم إلى صفّهم ،  لكيّ يغضّوا الطّرف عن احتيالهم ومساوئهم وأرباحهم ، فأفسدوهم معهم ،وتفاقمت أعمال الاحتيال والفساد وسلكت طريقها تصاعديا ولا تزال. 

 اللامبالاة هي هي ،  منذ قرون طويلة، والفساد امبراطور يسود ويحكم ولا أحد يحاسب !

ليس مهمًا أن تكون الزعامات والطوائف والمقامات والعائلات والاقطاع بخير ، بينما الشعب يموت في كل ثانية ألف مرة ، وليس مهمًا أن الذهب يلمع في مستودعاته والناس يموتون بلا دواء وماء وكهرباء و… من دون كرامة!

ولمن لا يعلم ويتصرف كما لو أنه لم يعلم كالعارف المتجاهل، البلد يعيش في ذهنية الماخور وبيت الدعارة الذي يفتح  أبوابه  ليلا ونهارا.

يقول الشاعر والكاتب والصحافي الانتقادي النمساوي كارل براوس : “الرشوة أسوأ من الدعارة ، فالاخيرة تفسد أخلاق أفراد، أمّا الرشوة فيمكنها أن تفسد مجتمعا بأكمله “!

ونحن على ما يبدو أحكمنا في بلادنا في رقاب الناس، حكم كل ما هو داعر ، مجرم ، فاسق، مرتكب ، مرتش ،فاسد، حقير، منحط و دنيء !

لقد لوّنا أوطاننا بالرماد والبشاعة والجريمة والجهالة العمياء، لكأن الإنسان يحمل في جيناته الفساد، ولو قيّض له السكن في جنّة من فراديس لا توصف ، فسوف يوسّخها ويفسدها ولا ريب ، ويجعلها مزبلة وبؤرة نتانة وقرف وشرور وانحطاط وإجرام وخطيئة وسوق نخاسة ودعارة وضياع.

مخيف  هوالعيش مع كائنات شيطانية لا تملك، في تكوينها، ذرّة واحدة  من ذرات الخير والحق والجمال!

قال جبران خليل جبران: لم يعمل البشر بمقتضى القول القائل ؛ خير الأمور الوسط ، لذلك تراهم يقتلون المجرمين والأنبياء .

وأنا اليوم أقول لجبران خليل جبران؛ يا ليت الناس يساوون بين المجرم والنبي على الأقل كان هناك ثمّة مساواة ، ولكن في هذا الواقع المرير نشاهد عملية قتل منهجّية للأنبياء  والصالحين والعقلاء والأبرار والصادقين والأوادم، والإبقاء على المجرمين لا بل تعزيزهم ورفعهم إلى مصاف الآلهة !!..

والمؤلم في كل ذلك ان مشهد الرعب يكرر ذاته إلى ما لا نهاية …

(plu68.com)

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *