من خواطر الحجر: هي لنا ونحن لها

Views: 709

د. يوسف عيد

هرولت باكرا ، والفجر يبتسم، الى حجري كأنه يناديني بألسنة لا تسمع بالأذن بل بالقلب . وجدت حديقتي فاتحة ذراعيها تغمر الضياء المنبعث من عريسها نور الشمس وهي بنشوة لا توصف الا اذا استعرنا لها ريق الملائكة. أن تملكنا الطبيعة ونحن نملكها،ذلك أسمى ملك المحبة.

هو الاتحاد بين أنفسنا وبينها  اتحاد العرى يقوم بتقدمة الذات المتبادلة بين الطرفين. فهي تذوّب على أغصانها بهاء النور ،وتلبّس أوراقها حرير الغيوم تقدّم ذاتها هبة كاملة،علينا أن نبادلها هبة ذواتنا على الوجه نفسه.  هذا المفهوم العام هو خاص عندي: حديقتي حبيبتي تهبني ذاتها هبة تامة بجميع شرايينها  واستحقاقاتها .يا لها من هبة لا أسمى ، أليس ذلك من وحي قدسها المحبة غير الممنّننة؟ وما أجمل أن تشعر بضمّة فيها طهارة حرارة طازجة ! هذه الضمة تستحق أن تكون غاية محبتي،تقدم سعادة ليست زائلة لانها نعمة الزواج المقدس بينها وبين الشمس ،سعادة سماء ، ولأن السماء أبدية فسعادتها أبدية .

ما أحيلى المنفى وما أشهى السفر فيها ! وأنا لها كما هي لي. وإلا فلا شركة حقيقية .

تضحك فأضحك تحتضنني فأحضنها ،تخبىء لي نعيمها وحنينها ،وأخبىء لها الاشتغال والاهتمام والحنو بحيث صارت أفكاري وموضوع عملي ومرجع عواطفي .فكلّ محبة لا تكون بحسب روحها ، وكلّ إحساس لا يصدر عنها ولا تستقر فيه وتستهدفه يمنع الاتحاد بين قلوبنا وقلبها.

هي لي وأنا لها. أجاهر بهذا الحجر الذي تجاوز الذات الى ذوات أخرى في الانسانية ، حجر الحرية لملكة الحرية الطبيعةليس حجرا انما انعتاق مطلق .

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *