سجلوا عندكم

زمنُ الحجرِ

Views: 29

د. جان توما

هل تحجرُ الشمس نفسها؟ أم أنّ لهيبَها كافٍ لإطفاء غيرةِ الوباء على العالم؟

في ذلك الأفقِ البعيدِ تحاولُ الشمسُ أن تصنعَ من التلالِ كِمَامة، وشيئًا من السّتر بمواجهةِ الداء، متناسيةً أنّ حواسَّها الخمس عطّلها الإنسانُ، ليحسَّ بنارِها، ويتذوّقَ جمالها، ويسمعَ صفيرَ رحيلها، ويلمسَ بهاءَ حضورها، ويشمَّ ريحَ سفرِ شراعِها في المدى.

لماذا ترحلينَ وألوانُك ترتمي شالًا على كتفِ السهول؟ ولماذا تتركينَ جمالاتِ المساءِ حاملةً حقيبةَ الرحيل، فيما تنسلُ أغصانُ الأشجارِ مناديلَ الوداعِ وترجيعَ المواويل.

تتنفسُ الرّياحُ في تلك الأماسيّ زفراتِ وجعٍ، فالإيابُ كحدِّ السكين، كالشكّ، كالارتياب. لو تبقى العودةُ رهينة الأحرار؟ لو تمسكُ الراحتانِ جدائلَ الشمس وضفائرها، تروي لها حكاياتِ العمرِ، فيما الأصابعُ مشغَولةً بترطيبِ شَعْرِ المسافرةِ إلى بلادٍ تشتهيها كما وطنُ الرحابنة المفقودُ و”سبعُ” رواياتهم الذي يعرفُ كلّ شيء ولا يحصلُ على شيء. لعلَّ هذا شأنُ العارفينَ المستنيرينَ، يعيشونَ منذ ولادتِهم ما بينَ آخرِ مرتبةٍ في الدنيا وأولِ مرتبةٍ في الآخرة، كترنّحِ غصنٍ مثمرٍ تمرُّ به الفصولُ كلمى هزيمةً ووجهُهُ ضاحكٌ وثغرُهُ باسمُ.

 

(*) الصورة من الصديق زياد جمال من بخعون/ الضنّية

(myskinrecipes.com)

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *