ألف شبّاك وشبّاك

Views: 698

د. جان توما

 

لكلّ شُبّاك قصّة. صحيح أنّ الشُبّاك هو لغة ما يُشبك بالحديد أو بالخشب،  والأصح في البال أن يَشبُكَ الذكريات بوصال لا يكتفي، وبرباط لا ينفصم.

هذا زاروب يقودك من ساحة ترب المسيحية، من سينما رابحة وسلوى، إلى سينما راديو، حيث كانت الأفلام دون دبلجة، وكان المشاهدون يقلّدون الأبطال, كما مع ذاك الذي سكن خلف هذا الشّباك في منتصف الصورة، الحافظ أغاني الأفلام الهنديّة، وكان يرددها بفرح دون أن يفقه معناها، ولعلّه منذ أن غادر هذا الحيّ العتيق إلى ما خلف المحيطات، يحنّ إلى هذا الشّباك ليعيد الغناء الهندي الذي يحمل الوجع والحبّ والشوق.

هذا زاروب تنوّع فيه البناء الهندسيّ، فعند مدخله بيت عربيّ مع حديقة سكنته فدوى عرب واختها، وعلى اليمين آل  سلوم، وعلى اليسار بيت آل الجبيلي المبني بحجارة وقناطر فينيقيّة وإفرنجيّة وغيرهما مما تبقّى في أرض المدينة التي هُدِمَتْ، وعادت إلى الحياة السكنيّة في القرن السادس عشر.

هذا زاروب سكنته عائلات وافدة من انطاكية ومرسين وأرمن وسريان وغيرها، فحضنهم قبل ارتحالهم إلى ديار الله الواسعة بحثا عن مستقبل آمن ومستقرّ. هنا كتبت حكايات كثيرة، لو يحكيها من سكن هذه الأزقة ويقرأ الآن هذه الكلمات ،وهو في غربته أو وطنه الجديد بعد مرور خمسين سنة من رحيله، وقد اشتاقت رجلاه إلى الجري هنا، واستعادة أجمل ما راح… لتعود له حياة الروح.

***

(*) اللوحة من بشير الدبس من غربته…

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *