كومبيوتر التراب

Views: 78

د. جان توما

أخذني “سيمون” إلى أرض بيته في فيع- الكورة، وقد اشتغل على برنامجها، ففرمها(Format)، وفتح فايلا لكل حوض(Files) ونشر(Share) ثقافة الحبوب المتنوّعة فاقتطع وألصق الأحواض(Copy Paste) وغيرها من مفاتيح اصطلاحات التقنية.

“سيمون” الذي يداوم في مكتبه المنزلي كما لو كان في مركز الشركة في السعودية، يدير العمل عبر تلك البلورة السحريّة التي سموها كومبيوترًا، وجد أخيرًا الوقت ليترجم ما علّمه إياه والده الراحل عن حبّ الأرض وعن رعايتها واستخراج خيراتها.

المهم أنّ “سيمون” وزوجته وولديه ينصرفون عند انتهاء دوام عمله إلى الأرض المحيطة ببيتهم، فهنا شجرة سمّاق، وعرانيس الذرة، والنعناع والأويسة والخوخ والبندورة والمقتة وتذكّره ابنته بالفليفلة الحلوة وابنه بالفليلفة الحرّة.

جميلة هي الثقافة المعاصرة، إذ تنصرف أناملك نهارًا  إلى الضغط على أزرار اوتوماتيكية لتعود أصابعك مساء عاملة في الزراعة، والحصاد لاحقًا بعرق جبينك، إضافة إلى التوسّع في التفاعل مع الأرض ونتاجها  إلى استخراج ماء الزهر وصناعة الصابون البلدي.

وأنت تتأمل السماء المكفهرة في عزّ تموز على وقع عزف القصب المرفوع للذرة، ولسع النسيم البارد، وشموخ صنوبرات العمر العتيق، تشمّ رائحة الأرض، وألواح الصابون، وماء زهر الأيام التي يستعيدها الأبناء من سواعد الآباء وصبر الأمّهات.

تعود الأرض إلى عرسها اليوم فيما يعود الإنسان إلى جذوره.

 

(www.leankitchenco.com)

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *