الإرهاب في جوهره، مسرحية متنقلة

Views: 867

د. جهاد نعمان

كثيرًا ما يتبيّن ان الارهابُ مجرّد عرض مسرحي. انه استراتيجيّة ضعف يتوسّلها أولئك الذي لا يجدون سبيلاً الى السلطة او اثبات الذات. وللارهاب أنواع ودرجات… 

في الأزمنة الأخيرة، تسبّب ارهابيون، خلال سنة، بمقتل عشرات معدودة من الضحايا في الولايات المتحدة. وفي الوقت عينه، أودت السُمنة وما اليها من أمراض، وحدَها، بحياة الآلاف من الأميركيين. وها ان بعض المشروبات والوجبات السريعة والأطعمة الجاهزة تؤلف مخاطر اشد فتكًا من تهديدات القاعدة وداعش. 

انّى للارهابيين اذًا ان يتصدّروا العناوين الرئيسة في الصحف العالميّة ويغيّروا الأوضاع السياسيّة في العالم؟ 

انهم يدفعون العالم الى المبالغة في ردّات الفعل. الارهاب في جوهره، مسرحية متنقلة. يقدم الارهابيون على مسرح الاحداث مشهدًا مخيفًا من العنف يستحوذ على مخيلة العالم باسره. يودون بحياة حفنة من الناس فيتسببون بخوف الملايين على حياتهم. وفي سبيل كبح جماح هذه المخاوف وتهدئة الخواطر، تردُ الحكومات على مسرح الارهاب بعرض شبه هزلي فرضًا للأمن، فتنظم مشاهد ضخمة من القوة المفتلعة. وفي معظم الحالات، تطرح المبالغة في ردات الفعل على الناس معضلاتٍ أكثر تهديدًا للأمن والأمان من تلك التي يتسبّب بها الارهابيون أنفسُهم. 

الارهابيون اشبه ما يكونون بذبابة تحاول ان تدمّر متجرًا. انها من الضعف بحيث تعجز عن ان تهزّ كوب ماء واحدًا فأنّى للذبابة ان تدمّر متجرًا؟ انها تعثر على ثور فتلج اذنَه وتحدث فيها طنينًا مزعجًا، فيتميّز الثور من الخوف والغيظ ويدمّر المتجرّ. 

هذا ما حصل بُعيد الحادي عشر من ايلول، يومَ حثّ اصوليون الثور الأميركي على تدمير المتجر الشرق اوسطي المتداعي اساساً. وبات الأصوليون اليوم يترنحون في غمر الحطام. وثمة عدد زهيد من الثيران السريعي الهيجان في عالم اليوم وان هم لبسوا غالبًا ثياب الحملان. 

ان نجاح الارهاب او فشله وقفٌ على من يريد فعلاً ان يكافحه. فان هم سوّغوا لمخيلتهم ان يأسرها الارهابيون فبالغوا في ردّات فعلهم على مخاوفهم، سيبلغ الارهاب مأربه. وان هم حرّروا مخيلتهم من كابوس الارهابيين، وتجلّت ردّات فعلهم على وجه متوازن في مناخ من رباطة الجأش، مُنيّ الارهاب بالاخفاق ولو بعد حين، ولو الى حين! 

ولكن، أليس العقل غير المرّوحن والمدبّر، في النتيجة، هو جرثومة الحروب والارهاب، وهواشدّ فتكًا من الأوبئة الزاحفة تحت كل سماء؟ 

***

(*) د. جهاد نعمان، أستاذ في المعهد العالي للدكتوراه 

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *