السياحة المائلة

Views: 752

د. جان توما

عندنا قلاع تاريخيّة، وأبراج عسكريّة،وطبيعة خلّابة،  ولا سياحة لدينا؛  لا مستقيمة ولا مائلة.

أمّا السياحة في ساحة المعجزات أمام برج جرس كنيسة بيزا المائل فمستقيمة . يقع البرج في ولاية توسكانا بايطاليا، ودام بناؤه ١٩٩ عامًا حيث قام على مراحل منذ ١١٧٣ م، ولكنه جاء مائلًا حسب طبيعة الأرض التي قام عليها مزهوّا، فخانته التربة وتكاد تسقطه، فيما الناس فرحة بشكله وترنّحه،  محاولة إسناده باليد لتأكيد سطوة الإنسان على الأثر الباقي في وجه التاريخ.

منذ عام ١٩٩٠ أغلق البرج ومنع السياح من تسلّقه لأنه معرّض للانهيار في كلّ لحظة، إذ يبلغ ارتفاع طوابقه الثمانية 56,2 مترا عن سطح الأرض.

هذا البرج المشغول بفنون على الطراز الروماني يؤكد قدرة الشعوب على استثمار كلّ موقع أو زاوية من أجل تحريك عجلة الاقتصاد السياحي في البلد. هذه سياسة عامة تخطط لها الدولة ويشترك معها المجتمع المدني في إرساء قواعدها والعمل فيها تنفيذًا واستمرارًا وصيانة، فالسياحة هي الدجاجة التي تبيض ذهبًا. 

نملك في لبنان استديوهات طبيعية لكلّ مرافق السياحة المطلوبة، ولكن تبقى الهمّة ونوعية التخطيط المرجوّة للإشارة إلى أنواع هذه السياحة التي تختلف باختلاف المواقع التاريخيّة أو الطبيعيّة أو الدينيّة.

حين تقف في ساحة برج جرس كنيسة بيزا لا تتحسر بل تفكّر كيف يمكن تعميم ثقافة الحفاظ على أرزاق لبنان التاريخية والحضارية؟ وكيف يمكن أن تتحوّل المدن القديمة إلى واحات من السعادة التي يمكن فيها للسائح أن يتكأ على التاريخ، ويقرأ في دفتره، فيما يستفيد من التسهيلات الخدماتيّة التي تقدّمها حضارة اليوم .

برج بيزا المائل في تربة متحرّكة هل يقوّم فينا مفهوم الاستفادة السياحيّة، وتبقى تربة الحركة الاقتصادية ناشطة لفرص عمل للشباب في زمن الجفاف والقلّة؟

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *