بين صدقة المال وصدقة العاطفة

Views: 955

ماجد الدرويش

 

مهداة إلى صديقي العزيز Robert Ayoub القائم مع جمعيته المميزة #فكر_بغيرك على مشروع #مطعم_مائدة_المحبة في مدينة الميناء – طرابلس.

 

العلاقات الإنسانية لا تعطي ثمارها إلا إذا مورست من خلال العاطفة ، فالعاطفة هي الماء السحري الذي تحيا به القيم وتثمر به المكارم..

لذلك على من جعله الله تعالى في مقام القدوة والإرشاد، او في مقام البذل والإسعاد، ان يراقب تصرفاته وتصرفات من حوله بعين العاطفة .

وقد يسأل سائل: كيف نحقق ذلك؟

اقول : إقرأ معي هذه السطور.

يقول شيخ مشايخنا، الشيخ علي الطنطاوي، رحمه الله  تعالى:

رأيت بنتي البارحة قد أخذت شيئاً من الفاصولياء ، وشيئاً من الرز ، وضعتهما في طبق كبير من النحاس ، ووضعت عليهما قليلاً من الباذنجان ، ووضعت في الطبق خيارة ، وحبات من المشمش …. وذهبت به.

فقلت : لمن هذا يابنتي ؟

قالت هذا للحارس ، فقد أمرتني جدتي أن أدفعه إليه .

قلت لها : ارجعي يا قليلة الذوق ، هاتي صينية ، وأربعة صحون صغار ، وملعقة وسكيناً وكأس ماء ، وضعي كل جنس من الطعام في صحن صغير ونظيف.

 فوضعت ذلك كله في الصينية مع الملعقة والسكين والكأس.

وقلت لها : الآن اذهبي به إليه .

فذهبت وهي ساخطة تبربر وتقول كلاماً لا يفهم .

فقلت لها حين رجعت : ويحك هل خسرت شيئاً ؟ إن هذا الترتيب أفضل من الطعام، لأن الطعام صدقة بالمال ، وهذا الترتيب صدقة بالعاطفة ، وذلك يملأ البطن ، وهذا يملأ القلب ، وذلك يذل الحارس ويشعره أنه شحاد متسول مُنّ عليه ببقايا الطعام ، وهذا يشعره أنه صديق عزيز أو ضيف كريم.

رحمك الله يا شيخنا، ما أعظم إنسانيتك، وما أروع احترامك للإنسان من حيث إنه إنسان.

وإنما اهديت هذا الكلمات إلى صديقي روبير أيوب لأنها تنطبق على ما تقوم به جمعيته (فكر بغيرك) من خلال مطعمها المجاني (مائدة المحبة) ، من عناوينهم تعرفونهم.

فعلا هذا المشروع هو ترجمة عملية (لصدقة العاطفة). وهو جدير بكل احترام.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *