آخ يا بلدنا

Views: 647

 خليل الخوري 

 ساوت جائحة كورونا بين الناس في مختلف أنحاء العالم، أقله من حيث التدابير الوقائية التي لا يبدو أن الالتزام بها كبيرٌ في أي مكان بدليل ما أدت إليه الموجة الثانية من ارتفاعٍ هائل في أعداد المصابين والمتوفين على حدٍ سواء.

ويبدو أن العالم تغيّر فعلاً بعد هذا الفيروس، وهو مرشحٌ إلى تغيّيرٍ أكبر. إلا أن ما نعانيه في وطننا الصغير المعذّب يُشير إلى تغيّرٍ من نوع آخر، ليس ذا صلةٍ على الإطلاق بالجائحة وتداعياتها، إذ هو نتيجةٌ حتمية لما كنا قد انغمسنا فيه من فسادٍ وانهيارٍ أخلاقي وهبوطٍ في سلّم القيم…

ومقارنةً بين ما كنا وما صرنا، ربما يتوجب علينا البكاء على وطننا وأنفسنا، في وقتٍ لم يعد لنا مجرد بصيص أمل ضئيل في مستقبل كنا قد أردناه إكمالاً لمسيرة وطنٍ كان يشق طريقه نحو الآفاق الرحبة، فإذا بنا نرسف في القعر.

نتذكر كيف كان لبنان مقصداً ليس فقط للسياح العاديين، بل أيضاً لكبار الفنانين والأثرياء والمجددين في العالم. يومها كانت دور الأزياء الأولى تأتي من باريس وميلانو لتُطلق آخر صيحاتها من عندنا. وكانت ملكة جمال أوروبا تتوج عندنا. وكانت أمهات الصحف الأوروبية تتبارى في نشر التحقيقات عن بلد الروعة والجمال. كنا فندق المنطقة ومستشفاها وطبيبها ومنتجعها وصحيفتها ودار نشرها ومطبعتها وملتقى أدبائها ومقر ندواتها… كما كنا مؤسسي صحافتها. فبعد تأسيس «الأهرام» و»المقطّم» و»الأخبار» و»دار الهلال» و»روز اليوسف» في المرحلة الأولى، أسسنا حديثاً معظم صحف الكويت وثلاث صحف يومية في دولة الإمارات. ولنا اليد الطولى في إنشاء الصحف السعودية في داخل المملكة وخارجها، وكذلك في البحرين، إلخ… إضافة إلى صحف لبنانية في فرنسا وإنكلترا وكندا والأميركيتين… وكان دخل الفرد عندنا الأول بين دول المنطقة بما فيها تلك المنتجة للبترول.

اللائحة تطول لو أردنا الإستفاضة. فأين نحن اليوم وقد بتنا أسرى الفواجع والكوارث نتيجة الإهمال واللامسؤولية؟ أين نحن وشعبنا مسجّل على «الإعاشة»؟ أين نحن والفقر يحني الظهور قبل أن يوجع البطون؟ أين نحن والسياحة غادرتنا منذ ما قبل كورونا وأقفلت الباب وراءها؟ أين انفتاحنا على العالم وإقباله علينا من هذه العزلة الخانقة؟ أين نحن من تخلّفنا التكنولوجي من آخر بلد خليجي؟ أين نحن وقد كان أفذاذٌ من عندنا يُمنهجون النظام المالي في بلدان عربية وأجنبية عديدة، من تحوّلنا إلى بلدٍ مفلس نعجز عن إيجاد باب أمل له؟

صحيح أن كورونا قد أقعدتنا، كما العالم كله، عن كثيرٍ من الأمور، ولكننا نحن المسؤولون عن قعود وطننا عن أي خطوة إلى الأمام. 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *