وماذا عن الناس؟

Views: 1

خليل الخوري 

ينشغل أهل السياسة بمتابعة مسار تشكيل الحكومة الذي يبدو على نمطٍ مُختلف إلى حدّ ما عما عرفناه في تجاربنا الحكومية الأخيرة. بعضهم يراها مناسبة لإعلان الزهد. وفي هذا الفريق غيرُ طرف. ويراوح زِهدُهم بين الذكاء والتذاكي. وبعضهم يدّعي البراءة من دم هذا الصدّيق، وإن كان مُنغمساً في دمه. وبعضهم الثالث يتآكله الندم ولاتَ ساعة مندمِ.

جميعهم يُنقّبون في القاموس عن كلمات تُراوحُ بين المناورة والمُداورة.

ولكن …

ولكن في غمرة هذه الأساليب يتناسون المواطن المنكوب بهم:

المواطن العاجز حتى عن شراء الكتاب المدرسي لأبنائه، ناهيك بتسديد الأقساط والرسوم المدرسية.

المواطن الذي تُرعبه الأرقام المسجّلة على السلع الضرورية لأدنى متطلّبات الحياة، فهو غير قادر على تحمّل أيّ منها، فارتفاع الأسعار صاروخي ما يجعل الدولار عملياً في خانة العشرة آلاف ليرة وليس فقط في المراوحة بين السبعة والثمانية آلاف.

المواطن الذي يتبلّد تفكيره عند حلّ المعادلة الآتية: عندما تجاوز سعر صرف الدولار الأميركي التسعة آلاف ليرة رسَت أسعار المواد الإستهلاكية على أرقام مرتفعة، ثمّ في فترة لاحقة هبط دولار السوق السوداء إلى حدود الستة آلاف، ومع ذلك لم تتراجع قيمة السلع … وما أن استعادت العملة الخضراء مسيرتها صعوداً حتى أخذَ بيان الأسعار يرتفع مجدداً، وكأنه لم يفعلها سابقاً.

المواطن الذي ينام على كابوس رفع الدعم الذي يُلوّحون به يستفيقُ على كابوس أكثر رعباً إسمه تحرير سعر صرف الليرة. وكأنّ عالم الصيرفة ومافيات السوق السوداء مهتمّةٌ بأيّ سعر مُعلن او معنيّة به!

المواطن الذي كان يلجأ إلى قروض مصرفية يُسددها بالتقسيط من مرتّبه أو مدخوله أياً كان نوعه، الذي هو بالليرة اللبنانية، يصدمه توقّف القروض المقسّطة كلياً. فلم يعد في مقدوره ليس فقط شراء سيارة على سبيل المثال، فهذه باتت بعيدة المنال، إنما لم يعد قادراً على شراء قطع غيار صار ثمن الواحدة منها يفوق مدخوله لبضعة أشهر، هذا إذا كان لا يزال يتقاضى مرتّباً أو تعويضاً.

… وبئسَ المصير!

(artandhistory.org)

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *