في التّجريب الصّحفيّ (11)

Views: 468

محمّد خريّف*

وجوه لافتة

لا يمكن بأية حال الغفلة عن ذكر وجوه لافتة لها من الوجاهة ما يجعلها حاضرة في الذهن على امتداد السنين وقد حال الموت دون أن نواصل معها محنة التجريب الأدبيّ ولعلّ أهمها علامات لأسماء واكبت تجربتي منذ أواخر الثمانينات جمعتنا مجالس المقاهي وبعض النوادي الثقافية في جهة الوطن القبلي ولاسيما في منزل تميم و قليبية  والهوارية وقربة. ففي منزل تميم كان اللقاء في بداية التسعينات مع الشاعر هشام المحمدي وأستاذ التاريخ المعاصر الأستاذ احمد الجدي فاتفقنا على تكوين ما يشبه التعاونية تتولى المساهمة في إصدار كتب لأعضائها الذين لم يبق منهم من الملتزمين بالاتفاق المعنوي آنذاك  سوى ثلاثة وهم: احمد الجدي وهشام المحمدي وكاتب السطور، وقد كان لهذه التعاونية المتواضعة الفضل الكبير في إصدار كتابي الأول:”استعارة الاستعارة”،فهشام المحمّدي كان صديقا لي وفيا كنت أجده دوما إلى جانبي  في السراء والضراء، كما كان الأستاذ أحمد جدي رفيقا مميزا واكب تجربتي بالقراءة والكتابة عنها هذا وكنت تعرفت في الإثناء على   الشّاعرالرّاحل الصديق عبد الحميد خريّف(من الجنوب) وكان يناديني بابن عمه”محمد” فالرجل كان لايدّخر جهدا في السعي إلى التخفيف من آلام لها وقع تأثيرات لمحاكمات وضغوطاتها الناتجة عن قضايا رفعتها ضدي بلدية منزل حر في ذلك الوقت بتهمة الثلب ونشر ما لا يروق ممثلها القانوني في ذلك الوقت من كتابات لي بصحيفة “الصدى” وهي كتابات في نظر القائم بالدعوى من شأنها أن تسيء لسمعته وهي من سمعة السلطة المحلية (سبقت الإشارة إلى هذا الموضوع ) .

الدكتور أحمد جدي (1951-2012)

 

فالمهم كان لي في رفقة الشاعرين الراحلين هشام المحمّدي(وقد زارني يوم الجلسة في محكمة قرنبالية) وعبد الحميد  خريّف( كنت ألتقي به  في تونس العاصمة) ما يزرع الأمل ولو بطمأنة النفس ودفعها إلى الانشراح رغم الضيق وفصول التهمة ثقيلة ومخيفة بما تتسبب فيه من هلواس الأخذ والرّد  والجهل بما سيحدث في جلسة اليوم الموالي مربك وغير محمود المغبة و المثل عندي يقول :”قيمة الصديق تظهر في وقت الضيق” والمشنوق شادد في سبيبة ؟؟.

 أما عن علاقتي بالدكتور أحمد الجدي فقد كانت حميمية وكان هو الآخر صديقا عزيزا وفيا، أقرأ له ويقرأ لي، ينقدني وأنقده ،كما كان يشجعني على المضيّ في كتابة الاختلاف لاسيما بالفرنسية إذ يلقبني بالفرنكفوني ويعبر لي في كل مرة عن تقديره لما أقوم به من محاولات في التجريب النقدي والسردي ، وقد كان  بالرغم من تبحره في البحث الأكاديمي والصبر على اكراهاته  يشجع الإبداع الهامشيّ ويناصره ويجربه في أقاصيص يكتبها وينشرها ولعل أعماله ومنشوراته الأكاديمية في التاريخ الحديث والمعاصر كتابات مهمّة في التجريب القصصيّ تشهد له بالصبر والتفاني في البحث التاريخي .

 

 هذا وان كان لهشام المحمدي مجموعات شعرية صدرت هنا وهناك شانه شان أحمد جدي فان الشاعر عبد الحميد خريّف لم ينشر في حياته (إلى حد علمي) كتبا بالرغم من أن له أعمالا منشورة في الصحف وبعض الكتب المدرسية. إلا أن الصحفي نورالدين بالطيب قد أصدر بعد وفاته كتابا خاصا بحياته وآثاره

وجوه لافتة ساهمت في الداخل والخارج بشكل أو بآخر في التعريف بمحاولاتي فأذكر منها على سبيل المثال كتابات  الروائي محمد الجابلي  والقصاص المغربي سعيد بوكرامي وكذلك الباحث الأكاديمي المغربي عبد العاطي الزّياني  وغيرهم……

(يتبع…)

***

(*) كاتب من تونس.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *