“مرمر زماني” أغنية لزمن العشاق

Views: 179

سليمان بختي

يجزم بعض النقاد بأن أغنية “مرمر زماني” تعود إلى زمن الأندلس وذيوع الموشحات. إلا أن الكاتب اللبناني أنطوان غندور يفيد بأن قصة هذه الأغنية تعود إلى زمن السلطنة العثمانية، وأن هناك وثائق في مكتبة الفاتيكان تؤكد ذلك.

وتقول القصة: إن فتاة أصيبت بمرض عضال. وكانت وحيدة والدها الباشا. وقعت الفتاة في حب شاب بادلها الشعور عينه لكنه محكوم بالإعدام بلا أمل. وظل العاشقان يلتقيان بالسر وذات يوم قرر الشاب أن يتزوج حبيبة قلبه واعلمها بذلك. تحدد موعد العرس. لبست العروس فستان العرس وانتظرت، وطال الانتظار. مر الوقت ولم يأت العريس. فقد وقع العريس في قبضة رجال السلطنة العثمانية. علم والدها بالأمر ولكنه أخفاه عنها خوفاً على حياتها. (Xanax Online) بقيت تلك الفتاة تنتظر حبيبها كل يوم وقد أضناها السهر والأرق وتدهورت صحتها. وفي محاولة من والدها للتخفيف عنها ابتكر هذه الأغنية التي تتناسب كلماتها وواقع الفتاة دون ان تدري وأصبح يغنيها لها في أوقات السهر ليسري عنها.

وثمة من يقول إن الاديب أمين الريحاني(1876 -1940) المولود في الفريكة هو أول من نظم هذه الأغنية. وبسؤال ابن شقيقه وحافظ متحفه الدكتور أمين البرت ريحاني أفاد بأن أمين الريحاني لم يؤلفها ولكنه اختار عدة أغانٍ شعبية من العربية وترجمها إلى الإنكليزية ومن بينها “مرمر زماني” وايضاً “مولياً” و”على دلعونا”. وقد ضمنها في كتابه “waves of my life“(2009) وأراد من خلال ذلك إظهارقوة التراث الشعبي الغنائي في بلادنا مقارنة مع التراث الغربي.

وبحسب ترجمة الريحاني:”مرمر زماني يا زماني مرمر / قلبي تولع في هواك يا أسمر / مرمر زماني يا زماني مرمر / مرمرتني يا ابن الحرام تمرمر / شوف الحليوة حاملي الشمسيي / بيضا وظريفة والعيون عسليي / وقلك يا إمي إن ما خدتيلي هيي / لاعمل عمايل ما عملها عنتر / يا رايحة البستان خدني معاك / لاحمل السلة وسير أنا وياك / ونكان أبوكي ما عطاني ياكي / لاعمل عمايل تنكتب بالدفتر / راحت للصايغ قالتلويا خالي / عندك أساور من ذهب الغالي / قلها الصايغ يا حلوة تعالي / شوما طلبتي من الدكان بيحضر”.

عام 1959 غنتها فيروز في “أسطوانة من الماضي” بكلمات الأخوين رحباني والكلام يختلف فقد تغنى الشعراء في نظمها مع الاحتفاظ بالمطلع:

“مرمر زماني يا زماني مرمر / مرمرتني لا بد ما تتمرمر / مر وسألني لمين هالتشكيلي / لوح بإيدو والدنيي مقابيلي / قلتلو أوعى بقا توميلي / دريوبهوانا والحكي عم يكتر / مر وسألني وين عين الميي/ والغصن تاكي والدني مضويي / قالتلوبعيدي الطريق شويي / بفياتها ورد ونسيم وعنبر / مرت عليي ساحرة بتكوينا / بيضا وحمرا والسحر عاجبينا / قلتلايا حلوة هاتي سقينا / قالتلي اصبر تايدوب السكر / قلي شوبدك يا حلوحاكيني / تاركني قلبك والهوى مجافيني / عا درب حبك يا قمر خليني/ خليني بقربك يا حبيبي الأسمر”.

وكما يظهر فإن مطلع الأغنية بيت واحد شطراه ينتهيان براء ساكنة. أما وزنها فهو من تفعيلات بحر الرجز.

علي الحجار

 

واللافت أن هذه الأغنية التراثية انتشرت في لبنان وسوريا وفلسطين ومصر والسعودية والمغرب وتركيا كما غنتها فرق كورال عربية وغربية.

فبالإضافة إلى فيروز غناها نصري شمس الدين وريما خشيش وكلود الشمالي وسعاد دويهي ورشيد خوري ونهوند ورفيق حبيقة مع الفرقة.

ومن سوريا صباح فخري وحنان وفهد بلان ( كلمات ميشال طعمة ) ومن فلسطين: نبيل شحادة ، فيصال أسعد، ماري بشارة ، ودلال أبوآمنة.

ومن السعودية طلال المداح وعبد المجيد عبدالله.

ومن المغرب: أسماء المنور.

وفي مصر تعبر الأغنية عن الفلكلور المصري وأعاد صياغتها المؤلف الموسيقي جمال عبدالرحيم وكتب كلماتها جمال بخيت وغناها علي الحجار. ومن تركيا: سمير أرتاق.

كما أنشدها كورس ويلمينغتون في مهرجان البستان. أيضاً غناها كورس الأطفال في درسدن –ألمانيا – 2016 هذا ماعدا استخدام لحنها كموسيقى للرقص في العالم العربي.

لعل هذا الانتشار الواسع للأغنية في جهات العالم يرجح خروجها من الأندلس. او أنّ لحنها استطاب عزفاً وغناءً. أم أن الزمان ومرارته لا بد أن يمرّ على كل عاشق وعابر وعلى كل من استطاع إلى الوصل سبيلا.

طلال المداح

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *