إبراهيم البوسطجي

Views: 1142

يوسف طراد

إنه إبراهيم نصّار من بلدة كوسبا الكورة، رجلٌ مربوع القامة ممتلؤها يرزح (الطبطب) أي الدرّاجة النارية تحته لحد انفجار إطاراته، كنّا نعلم بقدومه من أصوات المفرقعات الخارجة من (أشكمونه) أي عادمه عند مطلّ القرية على (التعميرة)، فتكرج نساء الحارة الفوقا كرج حجال الجبال تسابقها نساء الحارة التحتا لاهثة في صعودٍ كأنه جلجلة وخاصة عندما يعدن خائبات. هنيئًا لمن يسكن قرب الدكّان.

يصل متورّد الخدّين من هواءٍ منزلقٍ عليهما، يرتدي الزيّ الكاكي الرسمي الذي يتضمّن سروال (الرْكوب) مما يزيد عرضًا في الموكب المؤلّف من الدرّاجة والراكب محتلًّا نصف الطريق المعبّد حديثًا.

إنها لهفة الموجودين، حقيبة جلدية تخرج من صندوقٍ خشبي مستطيلٍ صغيرٍ مثبت على مؤخّرة المركوب، ليس لها سحابٌ، بل مفتاحٌ بسيطٌ مؤلفٌ من زرٍ نحاسي مربّع الشكل يخترق المرَّد يُقفل ويُتفتح بواسطة البرم.

تخرج المكاتيب خروج الأرغفة الطازجة من المعجن لشوقٍ في استقبالها، يقرأ المرسل إليه بصوتٍ جهوري.تستلم النسوة الرسائل وتبقى لهفتهنّ قيد صدورهنّ لتعود الرجال من الحقول مساءً، فالويل لمن تخوِّلها نفسها فضّ المكتوب كأنه بكارة عذراء.

يأخذ إبراهيم المكاتيب المرسلة إلى بلاد الاغتراب، يُسعّر نفقة الإرسال كلّ بلدٍ بسعر، الدفع بالعملة المحلّية بيض بلدي يسلّم لصاحب الدكّان، وينقد الساعي بدله ثمن الطوابع البريدية.

عند فضّ المكاتيب مساءً من قبل الرجال، وبعد الفحص الدقيق عن حوالاتٍ ماليةٍ أو أوراقٍ نقديةٍ نادرةٍ، تجتمع باقي الأوراق عند قارئٍ واحد هو أستاذ الأدب، فلا أحد يعلم فكّ الحروف والرموز سواه.

الجملة المشتركة بين جميع الرسائل (نحنا مناح مشتاقين مو ناقصنا إلّا قلة مشاهدتكن) إبراهيم البوسطجي رحمك الله، كنت (وسترن يونيون وواتساب و مسنجر الزمن الجميل).

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *