شجرة

Views: 368

جوزف أبي ضاهر

 

منذ قرون «ولدت» شجرةً.

عاشت بلا بيت وبلا أبواب، بلا مفاتيح، وبلا سرير.

حين ماتت صنعوا من جسدها أسرّة لآلاف العشّاق.

 

من دون ثياب

يركض النهر عاريًا من دون ثياب.

تمنّت لو تصير نهرًا.

تبيع ثيابها بالمزاد العلني وتركض.

… وليركض خلفها جميع عشّاق الأرض.

 

ذاكرة

إلى الذاكرة تأتي الأعشاب والأزهار.

تأتي العصافير بين برق ورعد، لتبشر بصحو مناخ وصفاء…

تختفي الذاكرة خلف ضعف العشق ورِقَّةِ قامات الزهر، وأصوات البلابل غابات طاعنة في الهموم والمشاغل، ومتشابكة اللغات واللهجات والهواجس، ولا تهتم لشعرِ:

ولد من محبرة الدم، أم من محبرة عطر البنفسج؟

 

قصائد

قصائد الشعراء، ولو لبست كل الحنين، لا تستطيع أن تثني عن سَفَرٍ أو هجرةٍ.

سرّ المطارح البعيدة ينده دائمًا إلى أحلام، لو توفر لها «بساط ريح»، أو صهوة موج، لهربت من بيادر التعب، إلى أرضٍ جديدة، توزّع الثروات على مستحقيها.

هي أكثرهم استحقاقًا.

 

سأزوجك الشمس

خبّر الجدّ حفيده:

«غدًا عندما تكبر سأخطب الشمس لك، وستتزوجها».

­ لكنّها تتركني في كلّ مساء، أنام في العتمة. لا أعرف أين تكون، ومع مَن تكون؟

* لا تخف، ستعود إليك في اليوم التالي، مشرقةً بهيّةً نضرةً، وتكون أنت في انتظارها، لتذهبا معًا إلى العمل والتعب، فتوفرا لكما ولعائلتكما خبزًا وماءً وفاكهةً وخضارًا.

­ ليتها تظلّ شمسًا في بيتي، وأتكفّل أنا وحدي في العمل موفّرًا لها ما استطعت… وأظنّه يكفي.

* لا يا جدّي، لا بدّ أن تغادر كلَّ مساء.

­ … وإلى أين؟

* إلى حيث تعدّ لكَ يومًا جديدًا، وعمرًا مضافًا تكمل به مشوارك في الحياة.

­ … وهل سيطول المشوار الذي تعدّه الشمس لي؟

* لماذا؟

­ فلتختصره، وتبقَ حدّي… في الليل، فلا تعود العتمة تهزأ بي، وتهدّدني بعتمة أقسى، لا يعود ينفع معها ضوء عيني، لأستقبل الشمس به في صباح آتٍ.

 

[email protected]

 

 

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *