شكوى
جوزف أبي ضاهر
شكت الناس من تدخّل المال في السياسة.
واشتكت السياسة من تدخل المال في شؤونها.
واشتكى السياسي من مالٍ لم يستطع أن يشتري به أعمار الناس.
بحر
قَبَّلَ البحرُ قدمي الشاطئ آلاف المرّات.
أغراه بأجسادٍ لولاها لما أشعلت أشعة الشمس نارها في الأرض.
… وظلّ الشاطئ على عناده، ولم يفتح للبحر قلبه.
ذهب
فرش العشبُ سريره للربيع الحامل بيديه فرح كلّ أعراس الأرض.
أغراه حتّى نام وحلم بأولادٍ يكبرون ملوكًا، يتوّجهم الصيف بالذهب.
سرقة
سرق الفقير رغيفًا فنامت عيلته على شبع، وحلمت بثوب العافية.
سرقت النملة حبّة قمح من كفّ بيدر. أنزلتها في مملكتها على الرحب والسعة.
سرق الغني طحينًا باعه، ونامت بلاده على جوع.
مولود
حين ينجب الشاعر قصيدة حلوة، يهنئ نفسه ويكثر عدد زوّاره كرمى لعيني حلوته.
وحين ينجب الحاكم ولدًا، يتلقى الهدايا ذهبًا، مع كرسيّ حكمٍ لمستقبل المولود.
مخيّلة
من نصّبَ النور حارسًا على الظلمة؟
لم يكتفِ النور بنبش الأسرار… ترك الحرّية للظلال فعبثت بالمخيّلة، وجنحت بها إلى حيث تريد.
ثياب
في زمن الحزن الكبير، تقاسم السياسيّون الوطن.
كلّ واحدٍ وضع ما جنت يده في خزانة ثيابه، ظنًا منه أنه غدًا سيلبس الوطن وحده!
عصفور
فتحت كفّي لعصفور. أكل قمح كفّي. شبع وطار يُخبر من لم يعرف، ومن لم يَذق… فهاجموني وأكلوا كفّي.
نَسَب
بين الظلمة والظالم نسب.
بين البصر والبصيرة نسب.
بين الحاكم والمحكوم جلاد. ينتسب إلى المحكوم وينفذ لائحة الحاكم!
كَرَم
تقدّم الأنظمة في بلدان «العالم الثالث» شعوبها «الكادحة» أضحية… لمن؟
لـ «ظلّ» لم يخرج من العتمة.
خوف
وقع الخوف مثل نيزك على كفِّ ولد.
غسله بالدمع ونام في حرج أمّه.
وقع الخوف مثل نيزك على كفِّ رجل.
حَفَرَ شقوقًا وتصدّعات لم تعرف مثيلاً لها جدران البيوت العتيقة.
حلم
أذهب إلى النعاس قبل أن يأتي إليَّ.
أخاف يحمل معه أفكارًا تسرقني من فراشي، وتطير بي إلى أرقٍ لم يذق مرّة طعم حلم.
دائرة
بعد اكتمال الرغبات تأكل الخيبة الأمل. فلا نعود نعرف الرجوع إلى التمنّي. ولا نعود نستطيع الوقوف حيث وصلنا في الدائرة المغلقة.
تصفيق
التصفيق بعض غريزة؟ لا. هو الغريزة مكتملةً. تعارك الهواء والمجهول الذي نصنعه، ونصدّق أنها وجدته…وصار هواء في كفّها.
