أراني اليوم “قصبةً”:

Views: 620

د. غادة السمروط

 

عينُ الماءِ وعينُ الشّمسِ: ماءٌ تذوبُ فيه الشّمسُ، وشمسٌ تجفّفُ الماء. تراسلٌ وعشقٌ، خصامٌ وفناءٌ في كنفِ العين.

يطلعُ النّبعُ مثلَ شمسٍ. الشّمسُ في السّماءِ تجري، والنّبعُ في الأرضِ يجري. سماءٌ وأرضٌ، شمسٌ ونبع. عينُ الأرضِ وعينُ السّماء، وما بينهما سهولٌ وجبال، شقاءٌ وغناء، ظلمةٌ وإشراق.

وأنا بين العينيْن صوتٌ في الهواء.

أنا نايٌ قديم، قصبةٌ هشّة، أشتعلُ حتّى الجذور، وأرتوي حتّى السّماء. نايٌ يغنّي النّورَ ويذرفُ دمعًا، قصبةٌ تشقى وتتعب، تعشقُ في الأرضِ ماءً، وتتوقُ إلى شمسٍ تراها في حبيباتِ النّدى على الجبين، وفي ثلجٍ يذوبُ تحت مطرقةِ الحرّ.

أنا ” قصبةٌ تفكّرُ“، تبحثُ عن الحقيقة، تسعى إلى كتاب.

وعندما أصيرُ غبارًا من حطبٍ، أنتظرُ مصباحًا يسعى إلى زيتٍ، ألوذُ به عند جذعِ زيتونةٍ، قرب نبع.

النبعُ في السّماءِ برقٌ ورعد، وفي الأرضِ غؤورٌ وتدفّق، عسايَ أعودُ معه إلى النّورِ قصبةً، فَأُورِقُ عند الصّباح، وأقلبُ الصّفحةَ، أنظرُ إلى المياهِ تجري، وإلى الشّمسِ تجري … عينانِ تجريانِ حتّى النّبع !!

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *