في التجريب الصّحفي(13)

Views: 528

محمّد خريّف*

تواصلت تجربتي مع الواب، فنشرت لي مواقع عربية مثل أفق وغيرها مقالات أعادت مواقع أخرى نشر البعض  منها ، كما نشرت لي مواقع أجنبية بعضا من قصائدي بالفرنسية وقد ترجمت واحدة منها إلى الاسبانية والمترجم ظل مجهولا ، كنت أكتب بالفرنسية أشعارا أنشرهاهنا وهناك لكنني لم أعرها اهتماما فأهملت بعضها لأنني كنت أخشى الوقوع في كيد المجاملة وهي تعليقات قد تكون مهمة إلا أنني لم أكن واثقا من مصداقية أصحابها وأنا كاتب حديث العهد بتجربة الكتابة الأدبية باللغة الفرنسية وأنا أعتبر نفسي  مبتدئا في الكتابة بالعربية ما بالك بالفرنسية ؟

نعم ما زلت أجرب حظي غير متحرّر من الشعور بعقدة النقص دون فقدان الأمل في التحسن والتطور ولعل الإحساس بعدم الاكتمال وعدم التخلص من ضغوط التشبث ببعض القيم كانا من الأمور التي تسببت لي في بعض المشاكل مع أصحاب المواقع الأدبية الاليكترونية الأجنبية  فأذكر على سبيل المثال أنني انفصلت عن موقع اليكتروني للأدب الفرنسي لأن صاحبه لم يمكني من حق الرد فتبعني بعض الأصدقاء الافتراضيين منحازين إلى موقفي وهم من بلدان مختلفة، هذا ومن التعاليق التي أهملتها ذلك الذي كتبه انترنوت وأظنه طبيب جزائري يشير فيها إلى أن كتابتي من خلال مقطع منشور بالفرنسية في موقع يتردد عليه هي كتابة في نظره علمية طبية وذلك بعد قراءته لمحاولة مكتوبة بالفرنسية قد ضاعت بضياع الموقع وضياع اسم المعلق الذي اكتفى باسم مستعار فتوقفت صلتي كما توقفت صلتي بالموقع الذي سرعان ما يزول  وذلك عند من عيوب التعامل مع  الانترنيت ومواقع التواصل الاجتماعي  التي لا تحتفظ بالوثيقة الافتراضية كما يحتفظ بها التوثيق الورقيّ .

صبري حافظ

 

ومن طرائف النشر في المواقع الاليكترونية أن تصير كاتبا معروفا عالميا في لمسة كلا فيي و قد تمحي من الوجود الافتراضي  ، فيكفي مثلا أن تنقر طالبا الانضمام إلى مجموعة افتراضية أدبية لتتحول إلى عضو منها فتنشر صورتك في الحين كما تنشر نبذة عن حياتك أشعارك وقد ينشر وقد تحظى بما لا يحظى به غيرك فتضمك انطولوجيا عالمية أو يذكر اسمك في كتاب أو مجلة فيدفعك الشره إلى اقتنائها بالعملة الصعبة  فتفهم أو تظن أن البعض من الناس يستثمر نقاط ضعفنا ومنها عقدة حب الظهور ولعل البعض من أمثالي يفاخر بانتمائه إلى جمعيات تنتمي إلى ما يعرف بكتاب العالم وهي منتشرة في كندا في فرنسا والشيلي .

وقد يحصل سوء فهم وبحسن الظن ببعض المواقع الاليكترونية الأدبية فيرتاح المرء لبعضها ويأنس برفقة أصحابها ولو كانت الرفقة افتراضية ، وكل ما يقال إنّ حركاتٍ أدبيّة نشيطة تشتغل على الأنترنيت في أنحاء العالم على خلاف ما عندنا وان كانت بعض المواقع الأدبية الناطقة بالعربية مثل موقع “الكلمة اللندنية” ويديره الأستاذ صبري حافظ ما يشهد لصاحبه بالجدية والمغامرة ممّايقيم الدليل على أن من المفكرين العرب من هو أهل بأن يوصف بالتفرّد والتميز والتفاني في خدمة الأدب عامة الرّواية العربية الجديدة خاصة(وقد شرفتني المجلة المذكورة بنشر مجموعة من رواياتي وهي: سوسن الفينقا وجمّة الدرع وسلال القلوب و نبت الخرابيش البري).

برنار ليقولت

 

موقع صبري حافظ هذا الفريد من نوعه في العالم العربي يحوز مدوّنة روائية ونقديّة مهمة نادرة هذا و من المواقع الشعرية التي تعاملت معها في فرنسا ما مكنني من فرصة التعرف على أصدقاء افتراضيين يعشقون الشعر ويقيمون له طقوسا خاصة تدل على قيمة الكلمة عند هم لذلك فاجأني الصديق برنارد ليقولت* بمختارات** من شعري بالفرنسية مهداة منه بمناسبة عيد ميلادي وكانت أجمل هدية يكرمني بها صديق اقتراضي لا يزال يراسلني من حين إلى آخر فيحدثني عن أمر لها علاقة بالأدب في العالم وفي الكيباك زمن الحجر الصحي وهي إن كان يعبر عن سعادته في محيطه الأسري الضيق حيث الألفة وممارسة الكتابة الأدبية شعرا ونثرا فانه لايخفي عني ضجره بأوبئة العصر وعلى رأسها العنصرية وغيرها من مظاهر التطرّف والإرهاب فترانا   فنتناقش بكل حميميّة بعيدا عن التأثر بالفوارق الدينية وغيرها من مظاهر التفرقة العنصرية  ،وقد أرسل ألي قصيدة شعرية و أقصوصة وعنوانها”السوء” ***:” 

*Bernard Legault

**Florilège de Mohamed khraief

***Le mal être

الأقصوصة بدت لي حسب قراءتي الأولى المتواضعة تحاكي وسائل الأعلام في محاولة مواكبة الأحداث اليومية ، وهي الأقرب إلى المقال التحريضي المتماهي مع الرأي العام الغربي الذي يضع العربي والمسلم والإسلامي في خانة واحدة، وقد أشرت إلى صديقي بأن يأخذ الحذر من مغبة الخلط بين هذا وذاك   اذالفرق كبير بين العربي والمسلم والإسلامي السلفي المتطرف ورجوته أن ننشغل بكل ماهو أدبيّ دون محاكاة الميديا،هذا  وتنتهي قصة برنار وبطلها جاك الذي يبدو واقعا تحت ضغط سوء الفهم” فلم يستحم جاك ولم يدر كيف يحلق لحيته ولا كيف يرتدي ثيابه”. وهكذا يفهم بعض من جمهور المواقع الأدبية الاليكترونية أن الأدب سواء في فرنسا أو كندا ويرونه معبرا عن الواقع النفسي والجسدي دون الذهاب في التجريب أشواطا تفوق التصورات الممكنة(وقد رفضت مواقع بعض محاولاتي المختلفة بدعوى أنها تخرج عن المعتاد شأنها في ذلك بعض المواقع والصحف العربية التى  ترى جمالية الكتابة الأدبية في ما يتوفر من عناصر التسجيلية والتوثيقية والرواية عندهم تقرير صحفي فاشل لا كتابة إبداعية.. )

وتجربتي مع برنار ليقولت شبيهة بتجربتي مع غيره لا تخلو من فائدة وان كان يحرص كغيره من أصدقاء الأنترنيت على معرفة الخصوصي اليومي…..

(يتبع…)

***

(*) كاتب من تونس

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *