رجالٌ ودستور

Views: 109

خليل الخوري  

هل أضحى تشكيل الحكومة حلماً بعيد المنال؟ السؤال يطرح ذاته بإلحاح بعد هذه الفرملة في عملية التأليف التي بلغت حدّ الجمود القاتل. واستطراداً، هل بات تشكيل الحكومات في لبنان على هذا القدر من التعقيد وكأننا لم نعرف هذه الآلية في حياتنا سابقاً؟

يُجيب البعض قائلاً: سيّان أن تُشكّل أو لا، فالبلد «خربان» بحكومة ومن دونها. ولسنا وحدنا، بين بلدان المعمورة، من يتعثّر فيه التشكيل.

هذا كلامٌ قاصر، خصوصاً إذا كان صادراً عن بعض أهل السياسة والمحللين والمتحدّثين الذين تضجّ بهم شاشات التلفزة وأثير الإذاعات.

صحيح أن بلداناً عريقة في ديموقراطيتها، يستغرق تشكيل حكوماتها مُدة طويلة. على سبيل المثال لا الحصر، يُمكن الإشارة إلى إيطاليا وبلجيكا، حيث لا تتألف الحكومات إلا بعد جهدٍ جهيد.

هذا معروف، ولكن المقارنة لا تجوز على الإطلاق. ذلك أن في بروكسيل وروما إدارات حكومية راسخة تواصل المسار التنفيذي بشكل شبه طبيعي في غياب الحكومة. أما عندنا، فالأمر ليس على هذه البساطة. (veroinn.com) فإدارتنا الرسمية مشلولة حتى في الظروف العادية، فكم بالحري في ظرفنا الراهن إذ بلغ الانهيار ذروة الذروة في التأزيم وقعر القعر في الإنحدار.

وفي تقديرنا أنه من السهل تحميل الأطراف بعضها بعضاً المسؤولية عن هذه الحال السلبية. ولكن المسألة هي افتقادنا إلى الأحزاب الحقيقية. عندنا، ما شاء اللّه، أحزابٌ أكثر مما لدى الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا… ولكنها، من أسفٍ شديد، مجرّد واجهات طائفية في معظمها. ولا يُلغي هذه الحقيقة أن نرى قلةً ضئيلة من الطوائف أو المذاهب الأخرى في هذا الحزب المسيحي أو ذاك الحزب السني أو ذلك الحزب الدرزي، ولا نقول الشيعي باعتبار أن حزب اللّه هو على نقاء مذهبي.

ولا يُعوَّل على القول إن هذه هي تركيبة البلد. فهذا ليس دقيقاً. فعندما كان لبنان في ظل الحلف الثلاثي والنهج، كانا كلاهما يضمّان شخصياتٍ بارزة من الطوائف كلها. وكذلك الأمر، قبلهما، مع الكتلة الدستورية والكتلة الوطنية. أي أن واقع «الحزبَين» أو القطبَين الكبيرَين المخطلتَين كان مألوفاً عندنا.

طبعاً، لم يكن تأليف الحكومة يتجاوز الأيام القليلة. ولكن كان في لبنان رجال وكان فيه دستور غير معقّد وصلاحيات واضحة.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *