١٨ كانون الأوّل اليوم العالميّ للغة العربيّة….. وكلّ يوم

Views: 650

د. جان توما

من دخلَ كرومَ اللغةِ العربيّةِ لن يعرفَ دربَ الخروجِ منها. فأبجديتُها تتدلّى كثريّاتِ الذهب، وأحرفُها كالأيائلِ تطفرُ من جَلٍّ إلى آخر، وحيث تغسلُ وجهكَ بماءٍ رقراقٍ من عين ِ ماءٍ، فيما عيناكَ تتأملانِ صفوَ السماء.

هذه اللغةٌ، إنْ أدرَكْتَ جمالياتِها، فلَنْ تنضَبَ َمِحبَرَتُكَ، بل يأتيها المددُ مباركًا، فينزل الحبرُ نورًا وضياء، وتبتهجُ الأوراقُ كلّّما تنهّدَتْ كلمةٌ على سطرٍ أو تلوَّتْ مُفْردة.

تأتيكَ اللغةُ بكاملِ. أناقَتِها كَقَدِ نخلةٍ في واحاتِ الفيافي. تلقاك بفرح المنتظر،

تجلس تحت أفياء أغصانِها، تتأمل طيور أسفارها،

فتراها تحيا كلّما أسنَدَ فلاحٌ أو عاملٌ أو طالبٌ أو عابرٌ ظهرَهُ إليها إذ يكتشف في غفوته، بعد تعبٍ، أنّه يستندُ إلى تراثٍ ضارب في الأرض وشروشه من أوردة التراب المغروزة في أرجاء العمر.

لغةٌ تذهبُ إليها أو تذهبُ إليك، لا همّ، فالدربُ إليها سالكةٌ بالمحبة والتهجئة بالمودّة.اذهب عنها إليها، كي تتقنَ الترجمةَ عن قلبِك وعقلِك، فاللغةُ مكان الحواس: بها تبصر، وبها تسمع، وبها تشمّ وتتلمّس وتتذوّق ما في هذا العالم من جماليّات الصّورة الفنّية في الكلام المدوّن أو المقول. 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *