ربطنا الدار بالحمار

Views: 423

جوزف أبي ضاهر

 

صبورٌ هو الحمار، ولكن، ليس «قدّنا»، ولا مثلنا، ولا عنده من المشاكل قدرما عندنا، ولا يرى ما نراه، ولا يسمع ما نسمعه، ولا يعاني ما نعانيه، ولا يكابده الوجد قدرما يكابدنا للاجتماع في وطنٍ كان بيتنا، فصرنا غرباء فيه.

بعض البيوت تحوّل «طُنبُرًا» نجرّه نحن لنقل من ينوب عنّا في قبض إعاشات لنا، أطلقوا عليها صفة رواتب، هي في المرتبة الدنيا، يضيف «الدافع» إليها ما ملكت يُمناه ويُسراه، وما سمسر به لحرَمه المصون لتخدم به «البشريّة المعذّبة».

… والمعذّب؟ ليس من طاله الوجد إلى عاشقه. بل ما جعل مقتنياته تنوب عنه، وباسمه يحيا عمله ويزدهر.

أكتب والحمار، في المطلق أينما وجد، له من القدرة الكثير.

أمران اثنان أختصر بهما صفة لعمله: كد بصمت، وصبر على المحن، وهما أقل بكثير مما عندنا ويطوقنا، ويأكل معنا في صحننا، وينام في فراشنا، وينجب الأولاد عنّا.

كانت للحمار عين مفتّحة فغمزه الحبّ، أليس في الحب حمّار، وحمار عنده من الشوق قدرما عنده من وصال.

في الآداب العربيّة، نال حمار جحا شهرة واسعة وحُمّل حكايات، كاد يسقط أرضًا من ثقلها.

لكن توفيق الحكيم، تفوّق على جحا، وعلى شهرة حماره، ومن صاغ له المناخ اللازم للعيش بطلاً في أدبه، وشبهه بالفلاسفة الذين يبحثون عن أنفسهم في كلّ مرآة، ولا يعيرون الجمال ولا الجميلات اعتبارًا.

أما نحن فنعير الجميلات كلّ ما عندنا، بل كلّ ما بقي عندنا من إرثِ «المرحوم»، وصرنا عوض أن نربط الحمار بباب بيتنا، نربط بيتنا به فيأخذنا الطرب غناءً على «نبرة» صوته:

«نمشي على ما يقدر الله».

[email protected]

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *