لغة الضّاد

Views: 868

أحمد يوسف

 

تتلظّى في حرّها الفلواتُ ،

لا ظلالٌ لا أنهرٌ لا نباتُ

بل فضاءٌ تكاد تسفيهِ في كلّ

فضاءٍ رياحُه السّافياتُ

ورمالٌ تظلّ فيها المسافاتُ

حيارى ما إن لها مَنجاة

وخُواءٌ تعجّب الدّهرُ منه

كيف من عقمه تفيضُ الحياة؟

وحياة الصّحراء نبضُ حروفٍ ،

حسدتها الشّموس والنيّرات

إنّها الضّادُ ، درّة القول وينبوعُ

المعاني والسّلسبيلُ الفُرات

لغةٌ تنزلُ السّماءُ إليها ،

فلها في فِنائها أبيات

أهيَ النّهرُ والكلامُ سواقٍ ،

أهيَ الغيمُ والمتون سُقاة؟

أم هي السّحرُ قاطرًا من بيانٍ

رقرقته على المدى اللهوات؟

أين منها الرّبيعُ يضحك للزّهر

وتشدو الغصونُ والثّمرات؟

فعلى كلّ أيكة ألفُ طيرٍ

تتغنّى ، ألحانُها صلوات

وإذا البيد كالخمائل تزهو

حين تحدو بالأحرف الحركات

ربّ قولٍ في القلب صار كتابًا

رصّعته بفجرها الآيات

وقوافٍ راحت مع الرّيح تجري

يوم شبّت على المِداد الدّواة

نفحاتٌ من الإله تجلّت ،

نحو قرآنها يجدّ السّعاة

ونداءُ الحجيج للّه صوتٌ

رجّعته في زمزمٍ عَرفات

هي لو لم تكن لما كان حبرٌ ،

أو يراعٌ ، ولم تكنْ كلمات

هي صنعُ الاله، حاضنةُ الآي

بُناها ولفظها معجزات

وكلامُ الرّحمن يبقى على الدّهر

ولولاه لا تبوحُ اللغات

صاحِ هذي أمّ اللغات ووحيٌ

صادعُ الذّكر ، فيؤهُ جنّات

قمْ بنا نستقِ البيان لننجو

فعلى حبلها تكونُ النّجاة

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *