هل من فصول؟

Views: 329

د. جان توما

تكرّ الفصولُ تعبةً هذا العام، كأنّها تحمل على ظهرها حقيبة وجع لا تفارقها.

لعلّ التردّد في رتبة الحضور أو طقس الغياب يبلبل تساقط الأوراق، في غياب نسائم العمر الّتي تتهاوى كبساط الريح ما بين أرض وسماء.

نسينا انسياب مرور الفصول، وقد اختصرها فصل الوباء وموسم الداء. نعيش انتظار عدّاد الإصابات، فيما تبقى محجور البيت ومكتب عملك، متقيّدًا بما خرج به القدامى أن: ” الحيط الحيط الله يوصلنا ع البيت”. والمحجور هو المَمْنُوع مِنَ التَّصَرُّف بِمُمْتَلَكَاتِه، لكن ممتلكاتنا راحت أيضا، وباتت محجورة في صناديق المصارف أو السندات أو البطاقات. الحجر سمة العصر الذي نعيشه. متى يصير الحَجْرُ حَجرًا نرمي به ما أصابنا وما ابتلينا به؟

سنة مرّت، أربعة فصول توالت، وجوه كانت بيننا وتوارت، وأجساد هزلت وغارَت، فكيف لا تضيع بوصلة الفصول دربها؟، وتنسى درب العودة في زمن تبدّلت فيه القيم والأصول وتغيّرت، وانتشرت عادات وتقاليد جديدة فرضها نمط العيش الجديد؟، وبالتالي عليك أن تتقيّد بها،  بالقانون، أو بالعرف، أو ابتعادا عن مخاطر الحياة اليومية.

هذا الوباء لا يعاشر ولا يصادق، ولا يمكنك أن  تدير له ظهرك، فهو خادع إذ يزّين لك بأنّ محيطك آمن فتستكين له، فيثبتك بالثلاثة.

أنت في صراع مع هذا الداء، يأتيك على غفلة ولن تستطيع صدّه إلا  بالوعي والقناع والماء.

تتساقط أوراق السنة خجلى. كأنّ الحبيبات غادرن نوافذ الشرفات، أو كانّ موزّع الابجديّة فَقَدَ نطقه وتهجئته، بعد أن غادر المتيّمون الأطلال وراحت القصائد.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *