في ديوانية كمال الصليبي (III)… الموسيقى واللغة والتاريخ

Views: 314

سليمان بختي

ذات صباح احد التقينا في ديوانية الدكتور كمال الصليبي وكان منهمكا بالعزف على البيانو واخبرنا انه درس اصول العزف على يد الاستاذ الروسي ( الكسي غوكل) في معهد الموسيقى الجامعة الاميركية ومن زملائه انذاك المؤلف الموسيقي توفيق الباشا.

ذكر امرين: اولا ان الادب مثل الوسيقى” يا بتزبط يا ما بتزبط. ما  في حل وسط”. وانه حين يكتب يحذف في المراجعة الاخيرة للنص كل ما لا علاقة له بالمعنى. ساله احد الحاضرين: انت تكتب بالعربية والانكليزية والفرنسية،ما اللغة الاحب الى قلبك وكيف تنتقل من لغة الى لغة؟

د. كمال الصليبي

 

“الاحب الى قلبي طبعا اللغة العربية تلك اللغة التي لم تنقطع منذ  5000سنة وهي من اقدم اللغات في العالم وتراني اغتبط حين أقرأ قصيدة من الشعر الجاهلي وافهمها واستخدم مفرداتها. اللغة ثقافة وحضارة. لا استطيع ان اكتب بالعربية مباشرة. افضل ان أقرأ ” الاحاديث النبوية” و”مروج الذهب” للمسعودي حتى امتلأ  باللغة العربية ثم ابدأ التحبير. الانكليزية و الفرنسية امر اخر. ولكني تورطت بالترجمة وليست كل ترجمات كتبي ارضتني. ربما باستثناء ترجمة يوسف الخال لكتابي “تاريخ لبنان الحديث” لانني تورطت فيه ومعه. المترجم روح الكتاب. ومسألة خطيرة ان تقول الشيء عينه بلغة ثانية”.

كان يحلو له ان يردد تلك الابيات للاندلسي ابو البقاء الرندي:

لكل شيء اذا ما تم نقصان 

                                   فلا يغرن بطيب العيش انسان

هي الامور كما شاهدتها دول

                                  من سره زمن ساءته ازمان

اين الملوك ذوو التيجان من يمنٍ

                                       واين منهم اكاليل وتيجان

واين ما شاده شدّاد في ارم

                                  واين ما ساسه في الفرس ساسان

ابو البقاء الرندي

 

ثم دخل كمال الصليبي الى مكتبه واحضر خريطة  قديمة للعالم العربي بلا حدود دولية وقال: “الانهار تنطلق من بنابيعها وتصل الى مساقطها والجبال تنحدر الى سهولها ووديانها. الطبيعة صنعت حدودها المتكاملة في العالم العربي. هذه بلادنا. لا اكتب مرة في التاريخ بدون دراسة الجغرافيا وغالبا كنت ازور الموقع الذي جرت فيه الاحداث واتفحصه واعاينه”.

 احضر طباخه محمد السوداني علبة الادوية ووضعها امامه على الطاولة. وهذه اشارة الى ان الساعة قاربت الواحدة وجلسة الديوانية قد شارفت على الانتهاء.

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *