في ميلاد اليوم

Views: 813

د. جان توما

 

يقترب الميلاد وقد طغى أنين أهل البلاد.زاد وجعهم، وعلا صوتهم، ونزل الخوف في صمتهم.

قد نتبع نجمة الميلاد ليلا إلى مغارة منسيّة هناك في عجقة مغاور العالم، وقد اجتاحتنا صخور الاستهلاك المتدحرجة من أبراج بابلنا التي بنيناها طمعا وأثرة وجشعًا.

أين ذاك الزهد الذي بنى عليه أجدادنا وآباؤنا عوائل مباركة؟ كيف جمعهم السقف الواحد وفي بيت أبي منازل كثيرة، وعندنا صارت المنازل كثيرة ولكن بلا بيت؟

هذه الهويّات المعاصرة تبحث عن هويّة حقّة. ليست المعاصرة استقالة من التراث وعنه. المعاصرة بنيان على ما أخذنا من الأصالة لحداثة مبنية على صخر. المعاصرة تقوم على مسرى التاريخ الحيّ وليست من تاريخ يبدأ الآن. ليس من آنيّة في التاريخ، بل تبعات لتداعيات لمفاصل في مسرى الإنسانيّة.

صحيح أنّ الميلاد كان، ولكنّ الأصح أنّه يحدث في كلّ آن، وإلّا كيف يستقيم حمل الأمانة حيّة من أحياء كانوا وما زالوا في ما تسلمناه منهم؟.

يا ميلادًا نأتيه، وهو بيننا، بأي حال نلقاك؟ أضعنا براءة يومياتنا، تهنا في بيوت الحَجْر، هلكنا من روائح المطهًرات، دخنا من الاحتراز والاحتراس، تعبنا من الاشتباه بالآخرين وبأنفسنا.

نأتيك أيّها السيّد في ميلادك بلا هدايا. ما عاد لدينا إلّا ذواتنا. عفوًا، نسينا أنّك لا تبتغي إلا دواخلنا. صرنا مغاور فأقم ولادتك فيها كي نولد معك إنسانًا جديدًا وأرضًا جديدة.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *