أموال مكدسة في العالم وملايين الجياع!

Views: 24

أنطوان يزبك

 

عجبت للبخيل يستعجل الفقر الذي منه هرب .

ويفوته الغنى الذي إياه طلب.

فيعيش في الدنيا عيش الفقراء .

ويحاسب في الآخرة حساب الأغنياء.

                 الإمام علي بن أبي طالب

 

طالعتنا الصحف أخيرًا بتقرير مجلة الفوربس الاميركية التي ترصد وتحصي أخبار الميليارديرات حول العالم، وتنشر أسماءهم ومقدار ثرواتهم بمليارات الدولارات،  ليتبيّن لنا أن في حصة لبنان ستة من هؤلاء المليارديرات تصل ثروة كل واحد منهم الى ثلاثة مليار دولار وأكثر، بينما يعيش ثمانون بالمئة من الشعب اللبناني في ظروف مالية واقتصادية واجتماعية صعبة ومميتة تهدد الشعب في وجوده واستمراره على قيد الحياة، شعب منع عنه كل شيء، حتى جرعات علاج مرض السرطان ، فقد وصلت إليه أدوية مسممّة وكأن ثمة إصرارًا على إبادة هذا الشعب من قبل عقل مدبّر ومجرم شرير!

المشكلة ليست في حروب ونزاعات على وجه الأرض تفتك بالبشر فحسب،  وهذا كان منذ بداية الأزمنة ، ولكن المشكلة في الأسباب والنوازع، يبقى السؤال يطرح ذاته ؛حول ما إذا كانت طبيعة الإنسان مبنيّة على الطمع والجشع والبخل والتغلّب وانعدام الشفقة والسادية والتلذّذ بمشهد الجياع المقهورين والمعاناة الشديدة وانسداد الأفق وانعدام فرص الحلول ؛ لدرجة الانتحار الفردي أو الجماعي!

أجل إن ابالسة الأرض هواياتهم التفرج على عذاب الناس وتناحرهم وموتهم اشنع ميتة، كما في المسلسل الكوري “لعبة الحبّار” squid game.  وكذلك كان يحصل تماما في الزمن القديم،  في الحلبات الرومانية حيث تسيل الدماء وتزهق أرواح المجالدين والأسرى الذين تفتك بهم الأسود والنمور والضياغم التي تتضوّر جوعا عن عمد، فتلتهم الضحايا البريئة حين تنقض عليها !

أما أثرياء الأرض فما هو سرّ حبهم الشديد للمال والثروة المكدّسة لدرجة الجنون، وحرمانهم لملايين البشر من لقمة العيش؟

إن المشهد السينمائي الذي علق ورسخ رسوخا في ذاكرتي ولم يبارحها من أيام الطفولة وما يزال فاعلا حتى الآن،  هو ذلك المشهد من فيلم المخرج الابطالي الشهير فرانكو زيفيريللي : أختي الشمس أخي القمر،وهو فيلم رائع عن حياة القديس فرنسيس الاسيزي ، والمشهد يصور القديس حين يزوره أحد أصدقائه ذات يوم والقديس فرنسيس منهمك في ترميم كنيسة القديس دميانوس ؛ ليتبيّن أن هدف الزيارة ابلاغه انّ الإمبراطور سوف يمرّ بمدينتهم ، فيقول له القديس فرنسيس :

بلّغ امبراطورك أن الغربان سوف تعشّش في تيجانه والصراصير سوف تستوطن كنوزه! وهذا فعلا مصير كل جاه وسلطان مادي على هذه الأرض !

لعبة المال والسلطة والجشع والسرقة والتهافت على المال والثراء والبخل الذي يستتبع ذلك والحروب والجريمة وإبادة الشعوب قهرا ، جوعا وظلما ؛ هي كلّها  من وحي شيطاني غير مبرر ومجهول ، وفقدان الرحمة نذير بفناء الإنسان وتاليا البشرية !

أمّا الفقير فما هي حصّته من كل هذا الكلام ؟ أين الحلول لكل مصائبه ، أوجاعه وآلامه أين اللقمة التي يسدّ بها رمقه؟

يقول المفكر علي إبراهيم الموسوي:

يدعون رجل الدّين فيأتي بسيارته الفارهة معطرا ومهندما ، فيصعد المنبر ويتكئ على وسائد رقيقة لكي يتكلّم عن الفقر والفقراء والزهد في الدنيا، ثم ينزل من المنبر، فيغدقون عليه الهبات والعطايا ويقدمون له فاخر الطعام ويرحل.

أما الفقراء المتباكى عليهم فلا يدعونهم ، وإذا دعوهم يجلسونهم في آخر المجلس ويعطونهم بقايا موائدهم ! …

صورة قاتمة لهذه البشرية ، أجل ولكن هي الصورة التي أمامنا، والمطلوب تغييرها، إنزال لوحة الموت عن الجدار واستبدالها بلوحة الحياة!….

(https://boxmining.com/)

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *