السرايا الثقافي… مسرح السرايا العربي في يافا المحتلة

Views: 878

رشا بركات

 

        نتساءل جميعاً عن معنى إثبات الوجود فنجد أن الأديب الإنكليزي الشهير، وليم شكسبير، قد لخّص الأمر بقول بسيط جداً لكنه عميق بشدة.

     “تكون أو لا تكون”/”نكون أو لا نكون” To Be Or Not To Be.

      ما أجمل هذا الوصف وما أهم عقل قائله!

    غنّت فيروز الحبيبة عن القدس فقالت : ومشيت بالشوارع، شوارع القدس العتيقة. أما أنا، فسأمشي الآن في شوارع فلسطينية أيضاً لكنها ليست في القدس، إنها في يافا حيث أتبعها المحتل بتل–أبيب … يا لتزويراته!

    ما رأيته في ما سأسميه ب “التمشاية” هو إثبات وجود فلسطيني وإصرار ثقافي نوعي يناجي العروبة ويحاكي فيها كل أنواع النبض.

    أنا وجدت مسرح السرايا العربي! تسارعت دقات قلبي ورأيتني أستعمل كل ما بي من “حشرية معرفية” غير آبهة بأي عواقب.

      علمت أن مسرح السرايا العربي قد تأسّس عام 1998 بنخوة من فناني فلسطين اليافيين وغير اليافيين المتعطّشين لاثبات وجودهم العربي الفلسطيني والابداعي وايماناً منهم بأهمية دور الثقافة والتوعية على عدة صعد ، وهم المحرومون من تنفس الهواء الفلسطيني أو قول كلمة فلسطين حتى بحرية. ارتأوا أن هذا الأمر هو من أقوى أنواع المقاومة في ظل واقع الإختناق ومحاولة صهينة كل شيء في المدينة ومحو الدور الثقافي الريادي تاريخياً لمدينة يافا.

     أعاد مسرح السرايا العربي – يافا، تكريس الدور الثقافي الفلسطيني في يافا وضم فنانين ومثقفين فلسطينين من عدة مدن وقرى وكذلك من اختصاصات متنوعة. فمثلاً ضمّ رسامين، مصوّرين، ممثلين، شعراء، عازفين وغيرهم…

     واجه ولازال يواجه مسرح السرايا العربي – يافا عدّة تحديات أهمها الرقابة على مضامين النصوص المسرحية ومنتجيها، وملاحقة المؤسسات التابعة لها من قبل الاحتلال ، بحال كان هناك أي مصطلحات تتعارض مع الصهيونية وكذلك الأفلام التي يعرضها أو حتى الأمسيات الشعرية. لكن، يصرّ فنانو فلسطين على إثبات وجودهم وتكريس اللغة العربية في آن. إضافة إلى ذلك، التحدي المالي، حيث أنه يتم وضع سقف مالي محدود لمسرح السرايا العربي – يافا وغيره في مناطق فلسطين المحتلة التي تسمّى تحت رقم 1948 مقارنة مع الميزانية المالية التي يتمّ تزويدها للمسارح الصهيونية.  “تمشايتي” تلك، كانت مفيدة وقاهرة في نفس الوقت. علمت أكثر عن معنى الأسر، دون أن تكون داخل السجن بمعناه المحسوس. إن كنت في فلسطين المحتلة فأنت حتماً ستكون كالسمكة التي تختنق حين خروجها من بحرها أو نهرها…

       هناك أمور تغيب عن مسامعنا، لا ندركها تمام الإدراك الفعلي. نعم، لا بدّ لنا أن نعترف أننا نسهى أحياناً أن أهالينا في الداخل ممنوعين عن التنفّس وأن وضعهم يحتاج لكثير من التفهم والفهم ، وإن كان هناك البعض المندمج أو الأجيال الجديدة التي تعيش في ظل الدولة الجديدة، لكن ما يهم هنا، أنه برغم كل العوائق والتحديات لا زال هناك ثبات ولو كان يختنق لكنه يصرُّ على….إثبات وجوده.

     شكراً لكل فناني ومثقفي فلسطين الواعين وحتماً ، أنا متعطشة لأجلس على كرسي مسرح تلك المدينة الفلسطينية العربية العريقة بمسرحها، مسرح السرايا العربي –  يافا.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *