أدرى بشعابها

Views: 90

خليل الخوري 

لم يبقَ طرفٌ خارجي لم يُدلِ بدلوهِ بين الدِلاء في بئر الحكومة الموعود اللبنانيون بتشكيلها. فكلما توالت وتضاعفت النصائح الأُممية والدولية، كلما نأت الحكومة المنشودة عن الولادة حتى وإن قيصرية. من المُبادرة الرئاسية الفرنسية التي قادها إيمانويل ماكرون ويمدّها بين وقتٍ وآخر بجرعة أوكسيجين بتصريحٍ أو موفدٍ لإنعاشها، إلى النصائح المصرية. ومن دُعاء الفاتيكان إلى تمنّيات الدالاي لاما، ومن الساحة الحمراء في موسكو إلى الطرف الأغر في لندن. ومن قاهرة المُعِزّ إلى دار بيضاء مولاي أمير المؤمنين. إلى ما هُنالك من المواقف والتصريحات والنصائح تهدف إلى الحثّ على التسريع حتى لو بلغ سقف التسرّع… وتلك كلّها أوردناها على سبيل المثال لا الحصر، إذ إن اللائحة طويلة، أطول من يوم الجوع الذي استوطن منازل الكثير من اللبنانيين، وقد بات ما يزيد عن نصفهم تحت خط الفقر…

فلماذا يستعصي الحلّ الحكومي على اللبنانيين؟ وكيف تعجز «النيّات الحسنة» المُفترضة لأولئك القادة والدول دون التوصّل إلى بوادر انفراج في الأزمة الحكومية، خصوصاً أن ثمّة أُمناء عامّين ورؤساء صناديق إقليمية ودولية، يتقدّمهم أمين عام الأمم المتحدة، ضمّوا أصواتهم إلى من سبق ذكرهم أو الإشارة إليهم. ولكن عبثاً تُنادي، أو الأصح، لا حياة لمن تُنادي.

الجواب نورده مع مفعولٍ رجعي يعود إلى ثمانينات القرن العشرين الماضي عندما كان لبنان غارقاً في أخطر أزماته (العدوان الإسرائيلي، واجتياح لبنان حتى العاصمة، وانتخاب الرئيس الشهيد بشير الجميل رئيساً للجمهورية، ثم اغتياله، وحرب الجبل، وتحارب الميليشيات في ما بينها خصوصاً في غرب العاصمة، ومسلسل المتفجّرات والاغتيالات، إلخ…)

في تلك المرحلة، تحدّث الرئيس الأميركي رونالد ريغين في الشأن اللبناني مُدلياً بآراء لم تَلقَ ارتياحاً لدى السياسي البارز المُثقف الراقي فؤاد بطرس، وقد أدلى بحديثٍ لمجلةٍ كنت، حينذاك، أترأس تحريرها، ومما قاله: «نشكر عاطفة الرئيس ريغين وهو زعيم الدولة الأكثر أهميةً في العالم، ونودّ أن نقبل بأنه حَسَنُ النية في ما قال، ولكنني أقول له ولمن يُراهنون عندنا على واشنطن لحل أزماتنا، ليست هذه العاصمة أو تلك من يُعلّمنا شغلنا في لبنان، فنحن أخبر من الجميع بشؤون وطننا».

طبعاً، لسنا في وارد إجراء أي مقارنة بين ذلك الوزير الألمعي القاضي العادل الحازم وبين سياسيي هذه الأيام. فقط نودّ أن نهمس في آذانهم، وفي طليعتهم المعنيون بتشكيل الحكومة، أن أحداً في الخارج، قريباً كان أم بعيداً، ومهما كان جاداً وصادقاً ومحباً، وعارفاً أيضاً، فإنه لن يعرف بلبنان أكثر منكم. هذا إذا افترضنا أن هذا الجيل الهجين يعرف حقيقة لبنان.

(vallartainfo.com)

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *