في ديوانية كمال الصليبي (Ⅷ)… طائر على سنديانة ومستقبل لبنان

سليمان بختي

 

كان ذلك الاحد مختلفا في ديوانية المؤرخ كمال الصليبي. كان منهمكا في مراجعة البروفة الاخيرة لكتابه “الموارنة” صورة تاريخية (صدر عن دار نلسن) 2011.

سلمني المخطوطة وقال: “على بركة الله ولكن انتبه لأمرين: الاول: ان الحرف مكسور وعليك اعادة تغييره”. فقلت: كيف مكسور؟ فدخل الى غرفة مكتبه واحضر المكبر وتأكدنا من ذلك. وبالفعل غيرنا نوع الحرف وقضي الامر. ولكن يبقى في البال دقة كمال الصليبي وهمومه بالكمال.

 اما الامر الثاني الذي طلبه فهو الانتباه الى ان هناك “عفاريت” في المطبعة تخربط النقاط والحروف. قال ذلك وضحك في عبه.

 

تذكر كمال الصليبي قصة طريف الخالدي عندما اصبح كاهنا في الولايات المتحدة الاميركية. كان طريف الخالدي يتخصص في جامعة شيكاغو بالتاريخ الاسلامي وكان قد اطلق لحيته، وصادف ان احد الطلاب الموارنة اللبنانيين كان ينوي الزواج في الكنيسة لهذه المناسبة. فطلب مارون كسرواني من طريف (المسلم) القيام بهذه المهمة. وراح الاميركيون الذين حضروا الاكليل يتهامسون فيما بينهم ويقولون لا بد ان هذا الرجل الملتحي هو الكاهن الخاص بالجالية اللبنانية في شيكاغو. وعلما ان طريف الخالدي هو سليل قضاة الشرع في القدس منذ عهد المماليك.

 

 لا اعرف من سأله عن مصدر الكلمات التي وضعها في مدخل كتابه “طائر على سنديانة” والتي يروي فيها مذكراته. اعاد الصليبي الكلمات وقال: “طائر حكيم مسن حط على سنديانة/ كلما رأى اكثر تكلم اقل/ كلما تكلم اقل سمع اكثر/ لماذا لا نكون جميعا مثل هذا الطائر الحكيم المسن؟” قال: “هذه ابيات اغنية للاطفال بالانكليزية كنت ارددها في طفولتي”.

 

سأله قيصر عفيف: برأيك ماذا حسمت الحرب في لبنان؟” لعل الاهم انها بداية انتقال الى مجتمع مدني سياسي. وربما نهاية التركيبة العشائرية وليس الطائفية. وتركيبة لبنان ليست عشائريات طائفية فقط بل عشائريات من انواع مختلفة وزعامات اقطاع وزعامات محلية. مجتمعنا يتكون من ناس نوعيتهم جيدة وهو الاساس وهذا ما يجب المحافظة عليه. ولذلك دور لبنان كرائد في العالم العربي محفوظ. وتأكد اذا كان ظهر فكر في العالم في العربي فسيكون مصدره من لبنان. واذا ظهرت تصورات مستقبلية لها قابلية للحياة فستكون ايضا من لبنان.