اللقاء الحاسم

Views: 609

خليل الخوري 

تجربة كبيرة يمرّ بها لبنان اليوم. أصلاً كل ما يتناول حياتنا السياسية والوطنية بات تجارب كبيرة ومرّة. ونودّ أن نأمل أن تكون تجربة اليوم خالية من المرارة. فلا العباد قادرون على احتمال المزيد، ولم يعد في البلاد أي مقوّمات للصمود. فاللقاء المُقرّر اليوم في قصر بعبدا بين الرئيسَين ميشال عون وسعد الحريري هو تجربة كبيرة بحد ذاته.

صحيحٌ أن حياتنا باتت سلسلة تجارب آخذٌ بعضها في رقاب البعض الآخر، إلا أن تجربة اليوم قد تكون أكثرها دقةً وحساسية. إنه زمنٌ غير تقليدي. فلقد شبع اللبنانيون خيباتٍ إلى درجةٍ يتعذّر معها احتمال أي فشل آخر. فلا العملة الوطنية لديها أي سندٍ للصمود، ولا الوضع الاقتصادي يحتمل ترف الانتظار، ولا اليأس الذي أصاب الناس يبدو له أُفقُ نهايةٍ.

مبدائياً لا نستغرب ألا يتوصّل الرئيسان إلى إخراج التشكيلة الحكومية اليوم. ولكننا لا نتفهّم أن ينتهي لقاؤهما بختم التأليف بالشمع الأحمر. فلا بأس ألا ينتهيا اليوم إلى إصدار مراسيم الحكومة الموعودة، ولكننا نأمل أن يتوافقا على مواصلة الاجتماعات في اليومَين أو الأيام الثلاثة المقبلة. وبانتظار أن تخرج التشكيلة، نحذّر كم سيكون الوضع سوداوياً لو تخيّلنا السيناريو الأكثر ظلمةً، كأن يُغادر الرئيس سعد الحريري الاجتماع ليُعلن أن الطريق مُقفل نهائياً على الحل.

إن مثل هذا السيناريو، الذي إذا توصّل إليها اللقاء لا سمح الله، يعني أن الأزمة ستكون مفتوحة على السيىء والأسوأ والأشد سوءاً في نواحي حياة اللبنانيين كلّها، بما في ذلك الناحية الأمنية، التي لا نخترع البارود ولا نضرب في الرمل إذا قلنا في شأنها إن الإصبع على الزناد… فهناك بضع أصابع، وكلّ واحدةٍ منها أكثر استعداداً وتأهباً من الأُخرى.

لا بد من القول إننا نعرف صعوبة الأزمة. ونعرف تعقيداتها. ولكننا نعرف، في الموازاة، أن شيئاً لا يحول دون التغلّب على الصعوبات مهما تراكمت، إذا حسُنت النيات.

لسنا في موقع من يُسدي النصائح. إلا أننا نود، بصدقٍ كامل، أن نقول إن النظرة المسؤولة إلى مصلحة لبنان من شأنها أن تُلهم المعنيين بالتأليف كي يقدّموا الإنقاذ على ما سواه.

ويا ليتهم يفعلون.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *