نوال السعداوي… صوت صارخ ضد القمع والظلم

Views: 639

سليمان بختي

نوال السعداوي(1931-2021)، اختارتها مجلة تايم الاميركية عام 1981 كواحدة من بين 100 شخصية نسائية من الاشد تأثيرا في العالم.

 منذ كتابها الاول “المرأة  والجنس” 1972 قبل 50 سنة تقريبا ونوال السعداوي تقف في قلب شجاعتها تواجه الجميع  وخصوصا  جماعة التقليد والتكفير والقمع. كانت تريد ان تنحاز للانسان ( امرأة ورجل) في المجتمع. وكانت تنحاز للنقد- نقد المجتمع المعاصر الذي لا يمكن ان يتقدم اذا لم يتغير، ولا يمكن ان يتغير اذا لم يغير ما في نفسه من عادات وتقاليد. بعيدة عن العقل والمنطق والتفكير السليم.

جاءت نوال السعداوي لتكتشف من خلال عملها كطبيبة ونفسانية حجم الممارسات العنيفة التي تقمع المرأة، وتفضح مدى قساوة المجتمع الابوي. واكتشفت  ان وظيفة هذا المجتمع التاريخية هو قمع المرأة. وادركت ان التحرير الحقيقي يبدأ من تحرير المرأة.

 

لم تضع امامها حدودا وتطرفت في اتجاه الحق والصواب لما رأت من امعان في العداء وقمع المرأة على كل الصعد. ورأت ان شرف الانسان يكمن في “الصدق” صدق التفكير وصدق الاحساس وصدق الافعال. ذهبت عميقا لتميط اللثام عن الازدواجية التي يعيشها الانسان العربي: في التفكير وفي الممارسة، في السر وفي العلن، وفيما يطبقه على نفسه وعلى الاخرين.

كانت نوال السعداوي (صاحبة كتاب المرأة عند نقطة الصفر الذي ترجم الى اربعين لغة) مع الاختلاف الذي يظهر الحقيقة. لم يقبلها الاخرون لانهم شعروا  ان السلطة تهتز بين ايديهم وفي وجدانهم. كانت مع الحرية التي لا تتجزأ لا في الانسان ولا في المواقع ولا في الاديان.كسرت نوال السعداوي هذه الحلقة من التخلف التي تعيد انتاج نفسها وتعيد ولادة المصائرالمتشابهة والمتكررة في الزمن والتاريخ والحضارة. وقفت مع الجهة المظلومة في المجتمع، مع المرأة مع الشعب مع الناس المقموعين، وقفت ضد استبداد السلطة. جابهت الموقف الاصولي وقالت في كتابها( وجه المرأة العاري) (1977): ” التراث اداة توظفه جميع القوى السياسية حسب مصالحها ورؤيتها. ويفقد التراث معناه التاريخي والانساني اذا لم يعبر عن المجتمع كله، ولا يزال نصف المجتمع اي المرأة غائبا ومغيبا عن المعركة الدائرة في بلادنا حول التراث والمعاصرة”.

اعتبر المفكر هشام شرابي ان  نوال السعداوي (المرأة والجيش) وفاطمة المرنيسي (الحريم  السياسي) وخالدة سعيد (حركية الابداع) بين اهم ثلاثة مفكرات عربيات تناولن موضوع المرأة بجد ورصانة. وانها اشارت بجرأة الى القمع الجنسي الذي يمارسه الرجل ضد المرأة واعتبرت ان التحرير الحقيقي لا يحققه البعث الديني ولا الحرية الجنسية بل يقوم على الانعتاق السياسي والاقتصادي فتحرير  المرأة جزء من تحرير المجتمع كله”.

ولم تتردد نوال السعداوي لحظة في انتقاد اليسار لعدم تفهمه لمشكلة المرأة وعجزه عن اتخاذ موقف جديد في هذا الصدد وشددت على ضرورة التوصل الى الوعي الاجتماعي من خلال الوعي الذاتي، واعتبرت ان التحديات التي تواجه المرأة في القرن العشرين تبدأ من التحرر الذاتي ومن خلال التضامن والتنظيم السياسي والاجتماعي للنساء بما يساعد المرأة على التحررذاتيا واكتساب الثقة  بنفسها لمواجهة مشاكلها والتعليق عليها.

انتصرت نوال السعداوي لانها كانت دائما الى جانب الحرية والمعنى والحياة. والى جانب الانسان امرأة ورجل في سعيه الشقي نحو حياة افضل واكثر عدالة واكثر قوة في مجابهة تحديات هذا العالم.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *