أسئلة الحنين
سليمان بختي
ما قصة الحنين في حياة الانسان؟ هل هو فاكهة العمر ام ثمار ننتظر نضوجها؟ هل الحنين نظرة اورثونا اياها الاسلاف من فوق التلال؟ ام شوق غامض غاب ونداريه ؟
ما الحنين؟ ان تنشر الشمس قلبك بالصحو. ام غموض المناديل والمواويل التي تلوح وتصدح للمسافرين والعائدين؟
*
الحنين يقول دوستويوفسكي هو “حين لا يستطيع الجسد ان يذهب الى حيث تذهب الروح”. الحنين قوس البهاء ينشب من القلب الى مكان قصي ووجه قريب وبعيد وزمن ينده كالشوق. الحنين شلال رذاذه يهمي من السماء الى الارض. وبين العيون يموج ولا ينهمر.
هل الحنين يتعلق بالذين غابوا او رحلوا؟ وهل يقتصر على الذين سافروا او هاجروا؟ يقول منصور الرحباني في الاغنية: “وحياة اللي راحوا واللي صاروا الحنين”. يحن المرء حنينا صادقا للذين غابوا ولم يغادروا القلب او الذاكرة. يحن الى لحظات او محطات او مواقف في العمر. يحن كمن يربي الامل ولا يدع لغير التذكارات سكونا في قلبه. لابن الفارض هذا البيت: “لم يحل للعين شيء بعد بعدهم/ والقلب قد آنس التذكار ما آنسا”.
*
هل يقتات الحنين من التراب ام من النار ام من الهواء ام من الماء؟ هل للحنين رائحة؟ رائحة البنفسج او الخزامى. رائحة الصنوبر او الياسمين. ماذا يبقى من الحنين؟ اثار الغيمة على الحجر. ارض الحكاية التي لا تعرفنا ولا نعرفها. او التحديقالابدي لامر لا نعرفه ولا نملكه ولكن نحن اليه. تقول الاغنية الفيروزية:” انا عندي حنين/ ما بعرف لمين/ ليليه بيخطفني من بين السهرانين/ وبيصير يمشيني لبعيد يوديني/ ت اعرف لمين/ ومابعرف لمين”. هذا الحنين الغامض المجهول هو الى عالم لا ننساه وعالم لاندركه.
*
واخيرا، هل يحن المرء الى اوقات صعبة او اوقات الم. او ربما الاوقات الحرجة التي تلتها سريعا انفراجات. كأنه في المنطقة الوسطى بين التذكّر والنسيان.
*
يصف الشاعر محمود درويش الحنين بأنه” ندبة في القلب ، وصمة بلد على جسد. لكن لا احد يحن الى جرحه، لا احد يحن الى وجع او كابوس، بل يحن الى ما قبله الى زمان لا الم فيه سوى الم الملذات الاولى التي تذوب كقطعة سكر في فنجان الشاي”.
