قراءة في قصيدة “وينَك يا خالق هالبشَر والكون”  لـ عنتر رزق الله

Views: 782

د. جوزاف ياغي الجميل

 

وينَك يا خالق هالبشَر والكون

 

دخلَك يا ربي لَيش تاركنا

وحدَك يا الله إنت نجدتنا

حلم الهَنا بلبنان مية لَون

هالقد صعبة كتير وقعتنا

 

تَ الوطن يبقى عالي الجبين

بمين غيرك يا رب منستعين

خلّي ل ظلَمنا تنكسر إيدو

وفعل الشر معنا ما يعيدو

دخلَك يا ربي فك عقدتنا

شعبَك وقَع يا رب خَلصنا

 

                                      عـنـتـر رزق الله

 

***

نداء استغاثة يطلقه الشاعر عنتر رزق الله، في قصيدة بعنوان:

وينَك يا خالق هالبشَر والكون.

أين أنت يا الله؟ صرخة يأس يكررها الشاعر الغارق في يأسه، المعلق على صليب عذابه والقهر. إنها الصرخة نفسها التي أعلنها المصلوب، حين شعر أن الله تخلى عنه: إلهي إلهي لماذا تركتني؟

بين الشاعر والمصلوب علاقة ائتلاف واختلاف. فالاثنان يعانيان الظلم والأذى، على أيدي الأعداء الظالمين. ولكن الشاعر لا يملك القدرة على المغفرة، لأن الأعداء يعرفون ما يفعلون، وهم واعون مقدار الأذية التي تصيب الشاعر المظلوم.

بين رزق الله والفادي مأساة الإنسان الذي يتحدى قدره بحثا عن واقع جديد، أشبه بالحلم. واقع الثأر من الأعداء الظالمين، ويطلب من الله أن يساعده.

والإساءة إلى الشاعر لم تكن فردية. إنها إساءة إلى الوطن، لذلك لا يستطيع الشاعر مسامحتها، أو غض النظر عنها. هو قانون حمورابي يطالب به الشاعر تحقيقا للعدالة، ورفعا لظلم مزمن.

في القصيدة ثنائية الغفران والقصاص. المسيح غفر لأعدائه لسبببن: إساءة شخصية إليه، وجهل بالإساءة. أما أعداء الشاعر فلا يمكنه مسامحتهم لأنهم واعون ما يفعلون به وبالوطن.

الإساءة إلى الوطن شبيهة بالتجديف على الروح القدس: لا غفران لها.

في القصيدة ثنائية ضميري المخاطب المفرد وأنا الجماعة. ضمير المخاطب يتوجه نحو الله. أما ال”نحن” فهي رسالة الشعب الذي أصابه الشر والقهر، ولا يملك إلا طلب النجدة والخلاص من الله. وفي ذلك إشارة مباشرة إلى فقدان الثقة بالمسؤولين لأنهم غير قادرين على الإنقاذ. وحدها المعجزة الإلهية هي الحل.

هي الشعانين يحياها الشاعر رزق الله كل يوم، فينادي هوشعنا، أيها المخلص خلصنا، فتُفك العقدة ويتحرر الإنسان.

عنتر رزق الله، أيها الشاعر الغارق في لجج اليأس وصراعات الأنا، صرختك وصلت إلى أذني الرب وقلبه. أسمعه يقول لك: تعالوا إلي أيها المتعبون وثقيلو الأحمال، وأنا أريحكم. الشعب وقع . أين؟ في حمأة اليأس والإحباط.  وهو لن يسامح لأن  الشرير وسارق الوطن يعلمان ما يعملان.

عنتر رزق الله، في الليلة الظلماء يُفتقد البدر. وفي ظلام واقعنا المنهار فتحت لنا كوة صغيرة هي الشعر والإيمان. وهما خطان يتقاطعان عند حدود الإنسان، قيمة القيم. بالإيمان نخلص، وبالشعر نتحرر من صخرة سيزيف، ونكتشف مدينتنا الفاضلة.

***

(*) الصورة من صفحة الشاعر عنتر رزق الله الفايسبوكية

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *