الكاتبة الاسبانيّة مَارِيَا ثَامبْرَانُو في ذكرى رحيلها الثلاثين هَامَتْ بالفلسَفة وارتمَتْ في أحْضَان الأدب

Views: 828

د. محمّد محمّد خطّابي*

 

 في السادس من شهر فبراير الفارط من العام الجاري 2021 حلّت الذكرى الثلاثون لرحيل الكاتبة الإسبانية الذائعة الصّيت “ماريا ثامبرانو”، ولقد احتفلت الأوساط الأدبية فى بلدها إسبانيا وفى مختلف بلدان أمريكا اللاتينية بهذه الكاتبة التي آثرت الهجرة والإغتراب على المكوث فى بلدها تحت وطأة الحكم الدكتاتوري الفرنكاوي المُطلق، حيث لجأت إلى المكسيك غداة إندلاع الحرب الأهلية الإسبانية عام 1936. تُرى مَنْ تكون هذه المرأة التي أصبحت تحتلّ في قلوب الإسبان مكانة أثيرة، ومنزلة رفيعة حتى يُطلق اسمُها على أكبر محطّة للقطارات في مسقط رأسها مدينة مالقة، وعلى أكبر مركب للنّجدة البحرية الإسبانية؟ إنها أوّل امرأة في إسبانيا تحصل على جائزة سيرفانتيس في الآداب الإسبانية، (بمثابة نوبل في الآداب الناطقة بلغة سيرفانطيس) عاشت هذه المرأة ردحاً من الزمن في المكسيك الذي تعتبره بلدها الثاني، ولقد خلف وجودها في هذا البلد الأزتيكي أثراً بليغاً في الأوساط الأدبية حيث كان لها حضور مكثّف فيه، ومشاركات فعّالة في التعليم، والثقافة، والصحافة الأدبية. عندما ماتت ماريا ثامبرانو عام 1991 تصدّت كثير من الأقلام في العالم الناطق باللغة الإسبانية للحديث عن هذه المرأة المتعدّدة الجوانب والاهتمامات الأدبية والفكرية، وفي هذا السبيل كتب الأديب المكسيكي «فيسينتي جوانير» يشير: ” أنّ ماريا ثامبرانو كانت تودّ أن تموت قبل هذا التاريخ، فقد كانت ترى أنّ الموت يمكن أن يتحقق في الحياة كذلك، فالإنسان في عُرفها يموت عدّة مرّات، وبعدّة أشكال، يموت في ذاته، وتغيير هيئته، يموت حبّاً في الناس، والحياة، ويموت غمّاً بعيداً عن الأوطان، يموت في المرض، يموت في وحدته ووحشته، يموت في إنقباضه، وقلقه، وتوجّسه، وبالجملة يموت في كل لحظة من عمره ما دامت الحياة “.

ماريا ثامبرانو

 

بين متاهة الصّمت وضجيج الصّخب

كتبت ماريا ثامبرانو إلى خليلها «غريغوريو ديل كامبُو» في الثلاثين من يناير 1924  تقول : “إنني أشعر بإحباط شديد، لا أذكر قطّ أنّني كنت في هذه الحالة من قبل، تتحرّك بداخلي منذ الأمس لواعج كثيرة حتى أكاد أن أتخلّى عن آدميتي وأتحوّل إلى زوبعة» ، جاء هذا النصّ المؤثّر فى كتاب طريف جمعت فيه الباحثة الإسبانية «ماريا فرناندا بولانيوس» العديدَ من الرّسائل المخطوطة التي لم يسبق نشرها من قبل،  تقول ماريا ثامبرانو كذلك لخليلها بشجاعتها المعهودة وهي جدّ غاضبة: “لقد أخطأتَ خطأ فادحاً في حقّي، فأنا يحلو لي أن أفعلَ ما أشاء، وأن أكونَ كيفما أشاء”.

هذه الرسائل المخطوطة التي كتبتها هذه الأديبة الملتزمة والمتوهّجة فى ظروف وتواريخ متفاوته من عمرها، إنتظرت ثمانين سنة لكي ترى النور بعد رحيل صاحبتها. هذه الأديبة التي عاشت إبّان الزّمن الذي نوسمه بالسّحر، والتألق، والجمال الذي عاشه لأدب الإسباني، كانت معاصرة لجيل 1927 الأدبي الشهير وما بعده حيث بلغ الإبداع في إسبانيا أوْجَه في مختلف مجالات الشعر، والأدب، والرّواية، والمسرح، والتشكيل على أيدي فرسان الكلمة، وجهابذة الإبداع في ذلك الوقت أمثال فدريكو غارسيا لوركا، وفيسنتي ألكسندري (حاصل على نوبل في الآداب عام 1977)، ودامسو ألونسو، وبيدرو ساليناس، وخورخي غيّين، وخيراردو دييغو، ولويس ثيرنودا، ورفائيل ألبرتي، وسلفادور دالي وسواهم. عندما ظهرت هذه الرسائل الى الوجود أشفت غليل المتعطشين لأخبار وأسرار صاحبتها من المعجبين بها، ومن المحبّين لها من الإسبان وغير الإسبان. ولقد ألقت هذه الرسائل الأضواءَ الكاشفة على حياة هذه الكاتبة المثيرة التي تحمل في إسبانيا لقب “المرأة الفيلسوفة”، والتي قاست، وعانت الكثير من ويلات، ودمار، وأهوال الحرب الأهلية الإسبانية (1936-1939)، حيث كان عليها- كما سبق القول- أن تعانق الغربة وتهاجر إلى أرض بعيدة تقع وراء بحر الظلمات فارّةً بجلدها من بطش الوطنيين الفرانكوييّن الذين إستاثروا بالحكم بعد هزيمة الجمهوريين الحُمر المدعومين من طرف المعسكر الشرقي وبشكل خاص من لدن الاتحاد السوفياتي فى ذلك الإبّان.

ارتفع صوت ماريا ثامبرانو في المكسيك موطنها الجديد صادحاً صارخاً مدوّياً ضدّ الظلم والاستبداد، والتخلف والتقهقر، والعنت والتفاوت الاجتماعي والطبقي ليس في بلدها وحسب، بل وفي العالم أجمع، هذه «الفيلسوفة» التي كانت تهيم بالحِكمة وتخاطب العقل الخالص وتعانق «إيمانويل كَانْتْ» سرعان ما هجرته وارتمت في أحضان « لوركا، وألبرتي، وأليكسندري» وتحوّلت إلى شاعرة تناجي الروحَ والوجدان، وأصبح شِعرها الذي يهزّك عند سماعه، ويهزّ العالمَ معك، حتى وإن كان يأتي من بلدٍ ناءٍ بعيد بينه وبين بلدها بحر هائج مزبد، ومحيط هادر زاخر، هذه المرأة التي تعود جذورها وأصولها الى بلد بني هود، والزّغل في مدينة بادس مالقة ذات النفحات الفينيقية، والحصون والقلاع الإسلامية العالية الشاهقة المطلة على ضفاف البحر الأبيض المتوسط الذي أطلق عليه الرّومان منذ الأزمنة الغابرة اسم “بحرنا “. هكذا تبدو ماريا ثامبرانو في هذه الرسائل، سعيدة، جذلة، حزينة، قلقة، متوجّسة، طموحة، صعبة المراس، كما أنّها رسائل تحفل بمواقف التحدّي والصمود، ولحظات العتاب، والعذاب، ومشاعر الألم والمعاناة، والإطراء.

تحكي الباحثة الإسبانية “ماريا فرناندا سانتياغو بولانيوس” التي كانت قد أشرفت على تحقيق ونشر هذه الرسائل المخطوطة الموجّهة ل”غريغوريو ديل كامبو” أنّ إثنتين من بنات حفيداته وهما تيريسا، وغلوريا ديل كامبو كانتا قد فكرتا في تسليم هذه الرسائل لماريا ثامبرانو عندما كانت ما تزال على قيد الحياة على إثر عودتها من منفاها السحيق والطويل عام 1984، إلاّ أنّهما لم تعرفا كيف تقومان بذلك، أو تعذّر عليهما تحقيق هذه الغاية بشكل أو بآخر. ومع ذلك خرجت هذه الرسائل إلى النور لتزيح الستار عن الحياة المثيرة لهذه الشاعرة الرقيقة وبشكل خاص عن مرحلة شرخ شبابها وريعانه التي لا يعرف عنها سوى اليسير القليل. تقول في رسالة لخليلها غريغوريو ديل كامبو: ” تريدون من المرأة أن تكون كما يحلو لكم، فالذي يعنيكم منها هو أن تكون فقط تمثالاً من لحم، وهي دائماً مرغوبة عندكم كلحم أكثر منها كتمثال”.!

 

عاشقة الفجرالجميل

جاءت هذه الأديبة المغتربة وهي تحمل ماضيها على أكتافها، فقد تركت كلَّ عزيزٍ وغالٍ ونفيس في إسبانيا ومع ذلك عاشت حاضرها باستمرار، وإن ظلت تطلّ على ماضيها في كل حين. بل إنّها كادت أن تقع فيه، إنها تقول: «العيش هو المستقبل، الذي يبدو وكأنه يستحيل تحقيقه»، إنها كانت تقف على ثبج لحظاتها لتعانقها، وتقاوم الزّمن، وهذه حقيقة، فذلك أوّل عمل ينبغي أن يضطلع به المرء ليحيا، ولقد تغلّبت ماريا ثامبرانو على ذلك وتجاوزته بالكتابة، إنها كانت تحبّ وقت الفجرالجميل،  والغسق العليل وتهيم بخيوط النهارالذهبية الأولى، كما كان يفعل سيرفانطيس، وكما كانت تعشق هذه اللحظة الصّامتة، ماتت ماريا ثامبرانو كذلك في صمتٍ عند الفجر على ضوء مصباح خافت وهي تكتب.

عندما وضعت الحرب الأهلية أوزارها في إسبانيا هاجرت ثامبرانو إلى المكسيك، واستقرّت في مدينة جميلة تسمّى موريليا، وعملت في البداية كأستاذة وهي تقول عن ذلك: «إنني لم أسع إلى هذه المهنة ولا إلى هذه المدينة بل لقد جرّني القدر إليهما مثل العديد من الإسبان المهاجرين في ذلك الوقت». بماذا وعن ماذا يا ترى حدّثت ماريا ثامبرانو تلاميذها في ذلك الصّباح المشمس في مدينة موريليا؟ إنها تذكر جيّدا ما قالته لهؤلاء الشبّان الصغار: “اليوم سأحكي لكم حكاية غريبة، هذه القصّة حقيقية، كما كان يقول سيرفانطيس، الحقيقة التاريخية للقصّة، وكان موضوع حديثها عن الحريّة في اليونان القديمة». الواقع أنّ ما قالته لتلاميذها حول مواضيع فكرية كان شعراً رقيقاً وبليغاً، وكان ذلك في العمق ومحاولة منها لإستذكار وإستحضار إسبانيا وتجسيم آلامها وتنقل للجميع مدى شعورها بالمرارة من جرّاء بُعدها عن بلدها قهراً وقسراً، وكأنيّ بها تقول أنّ البعاد عن الأوطان يعني نوعاً من العبودية إن لم تكن أقساها. كانت تقول: «إنّ التاريخ الذي نكتبه هو أمر حتمي لا يلين ولا ينثني ندين به الفشل الذي يعترض سبيلنا إلاّ أنّ الحياة في الأساس إن هي إلاّ مسرح مرحليّ تتحوّل فيه الانتصارات إلى هزائم وأحيانا الهزائم إلى إنتصارات”.

 الأخت التوأم لبطلة سُوفوكليس

تتّسم ماريا ثامبرانو بحساسية مفرطة في كتابتها فهي تكتب من الداخل، والكتابة عندها مرحلة تفضي بها إلى نوع من التحرّر والإنعتاق لما يعتمل في داخلها من معاناة وقلق ليس إرضاء منها فقط لغمّ الإبداع بل لهموم نفسها كإنسانة رمت بها الأقدار بعيدا عن أهلها وذويها ووطنها، إنها تتعامل مع عنصر الزمن في علاقة حميمة لا تتورّع عن إبراز فكرة الموت وحقيقته، لأنّ ذلك يقوّي عندها الإحساس بالزمن وقيمته. إنها عندما تعشق الفجر كلحظة جليلة من النهار عند بزوغ الشمس مع ذلك الضوء الذي يسبق الشمس عند الغسق دائماً في صمتها، فذلك لأنّ الفجر هو الذي يولد منه النهار، وهكذا يوما بعد يوم لتأكيد علاقة الضّوء بالزمن إذ يأتي الصباح فيشعّ النهار قويّا ثم سرعان ما يهبط المساء فيسدل الليل ستائره ويرخي سدوله، وفي ذلك رمز لمختلف مراحل الإنسان. وتشير الناقدة «سارة غاليندو»: «أن ثامبرانو هي الأخت التوأم لبطلة سوفوكليس أنتيغونا وهي محكوم عليها كذلك من الداخل، امرأة وحيدة منعزلة ذكيّة، وإن موت ثامبرانو قد فاجأنا مثل موت أنتيغونا كذلك بل إنها نفسها تقول عن ذلك: “إن أنتيغونا قد رحلت وتركت وراءها الحياة وذهبت وخلقت وجودها، فالإنسان والوجود لا يمكن أن يفترقا ولوعن طريق الموت. لماريا ثامبرانو نافذة مشرعة تطلّ من خلالها على فضاءات غابة فسيحة وكثيفة، فكر وشعر وذكاء صامت، ففي الصّمت تولد وتورق سحليات الإبداع، والصمت يعني الوحدة، والوحدة عندها تعني الخلق، كانت حياتها رحلة بين الصّمت والصيّاح بين الفجر والمساء، بين النهار والليل، بين النور والظلام”.

 

فكرٌ صَارم وإحسَاس مُرْهف

أعمال ماريا ثامبرانو الإبداعية تدور في معظمها حول الفلسفة والتاريخ والمسرح والشعر، وتطبع أعمالها مسحة من الحزن، والأسى، والمعاناة من جرّاء أهوال المنفى السحيق الذي عرفته، ونتيجة فراقها مكرهة لأحبابها وأقاربها وخلاّنها، ولقد وجدت عزاءها الوحيد في الكتابة التي لم تكن تميل إليها في شرخ شبابها. ويعتبر النقّاد هذه المرأة من الأديبات القلائل اللاّئي إستطعن مزج الفكر الصارم بالكلمة الشعرية الرقيقة، من شعاراتها في الحياة: «حقّ الإنسان الحيّ أن يحيا من جديد باستمرار ..حتى الموت». قال عنها الناقد «خوسّيه لويس أرانغورن»: «لو كانت ماريا ثامبرانو قد لزمت الصّمت لكان ينقص الكلمة الإسبانية اليوم كثير من العمق والموضوعية». تحتل ماريا ثامبرانو مكانة مرموقة في عالم الفكر والأدب الإسبانيين نظراً لخاصّيتها المتفرّدة. وقد ركّزت في أعمالها ودراساتها الفلسفية على تحليل ما تسمّيه بـ “نظرة القلب الثاقبة” حيث تعتبر التعامل مع هذه الفكرة أمراً مقدّسا، والتي كانت تشكّل بالنسبة لها العمود الفقري سواء في حياتها أو أعمالها.

إنّ ثامبرانو عندما كانت تنظر وتتأمّل في القرن المنصرم تعترف أنه كان قرنا حافلا بالإختراعات العلمية وشيوع المعرفة الخالصة، والمعرفة التطبيقية والتقنية واستنباط الآلات والأجهزة المادّية المتطوّرة العجيبة، إلاّ أنهّ قرن طبعه الفقر في العطاءات الحيوية التي تدفع بنا للولوج بعمق إلى قلب الإنسان ونشر الأفكار الأساسية للمعرفة.

إنها تقول في آخر كتبها: « أن يخلق الإنسان في الماضي ويجد نفسه أمام كل شيء ليرى كل شيء ويشعر بكل شيء وأن يلمس واقعه مثلما يلامس الفجر الأوراق المبلّلة بالندى، حينئذ يفتح عينيه للنور باسما ليبارك الغد والروح والحياة، بالأمس لم أكن شيئا أو لم أكد أكون شيئا، إذن فلماذا لا أبتسم للحياة. كل يوم يمرّ ينبغي قبول الزمن فيه كهديّة إلهيّة رائعة، هذا الإله الذي يعرفنا، ويعرف سرّنا وكنهنا مثلما يعرف مدى قماءتنا وقزميتنا». وتكرّر ثامبرانو في كتاباتها تساؤل «هايدغر» من هو الإنسان؟ وأيّ معنى لوجوده فوق هذه الأرض؟ إلاّ أنها في الوقت الذي تترى وتنثال فيه على شفتيها مثل هذه التساؤلات الاساسية للوجود، فإنها تفعل ذلك محكمة حجج القلب أمام الدوار الذي يصيب الإنسان على شفا هوّة سحيقة أمام إدانة الاختيار لدى جان بول سارتر أو جبرية حرية الإنسان عند «أورتيغا». كما تطفح أعمالها بتحليل عميق لظاهرة العزلة لدى الإنسان. وهي كاتبة يذهب بها الوفاء بعيدا في حياتها بواسطة حسن استعمالها للكلمة وتفجيرها.

الأيّام السّود الحالكات

ويرى الناقد الإسباني «ميغيل غارسيا بوسادو»: أنّ منفى ثامبرانو بالنسبة للكاتبة أصبح رمزاً حيّا لنفي المثقفين الإسبان في هذه الفترة حيث غادر إسبانيا ثلة ممتازة من أبنائها المشهود لهم بطول الباع في ميدان الخلق والإبداع، منهم في الشعر: ألبرتي، ثيرنودا، غييّن، وفي الرواية: أيّالا، باريا، شاسيل، وسنيدر. ومن المؤرّخين: أمريكو كاسترو، وسانشيس ألبورنوس..إلخ. الكاتبة دائمة السؤال عن تلك الأيام السود الحالكات: من أين لنا هذه الحرب الأهلية اللعينة؟ من أيّ جُرم مُرعب أطلّت علينا؟ من أيّ حماقة داهمتنا؟

كان خليلها ديل كامبو يقول لها: «أريدك أن تكوني لبوة وليس هرّة مدلّلة» إشارة لطبعها الذي يواجه الصّعاب ولا تنثني أمام الأهوال ومدلهمّات الحياة. إنّها تتحدّث في هذه الرسائل عن طموحها وتطلعاتها، كانت تقول لخليلها في إحدى الرسائل «إنّها تشعر وكأنّها سهم إنطلق بقوّة من القوس ولا يمكن تحويل اتجاهه»، وتقول له: «إذا كنت تنوي البقاء معي والعيش بجانبي فلابدّ لك أن تكون قويّ النفس شديد المِراس، وأن تزرع المحبّة في روحك». ولكن القدر كان يخبّئ مفاجآت غير حميدة لهذا الحبّ حيث سرعان ما هيّأت الأقدار لخطيبها لقاء مع الرّدى إذ أغتيل عام 1936 مع إنطلاق الشرارة الأولى للحرب الأهلية الإسبانية.

حصلت ماريا ثامبرانو على ليسانس في الفلسفة عام 1926 كانت نشطة في حياتها الجامعية وفي الحياة العملية وكأنها سبقت عصرها، كانت تشارك في العديد من التظاهرات الثقافية وتكتب بإسهاب في الصحافة وكان لها عام 1928 عمود خاص في جريدة «الليبيرالي» تحت عنوان « نساء». لقد خلفت لنا ماريا ثمبرانو أعمالاً أدبية وفكرية مختلفة نذكر منها: « التفكير الحيّ عند سينيكا» ، «الفكر والشعر»، «إحتضار أوربّا» (طبع عدّة مرّات)، « الإنسان والألوهيّة»، « قبر أنتيغونا»، « الأندلس حلم وحقيقة « ، «هذيان وقدر»، «حلم الفجر الخلاّق»، وسواها من الأعمال الإبداعية الجميلة والجليلة الأخرى.

***

(*) كاتب من المغرب، عضو الأكاديمية الإسبانية-الأمريكية للآداب والعلوم بوغوطا كولومبيا.

Comments: 1

Your email address will not be published. Required fields are marked with *

  1. محمد بداوي / وجدة الفيحاء / الـــــــمـــــــــملكة المغربية
    في الذّكرىَ الثلاثين لرَحِيل إمرأة من الزّمن الجَميل مَارِيَا ثَامبْرَانُو
    بالفعل ، لولا ماريا ثامبرانو كان ينقص الكلمة الإسبانية اليوم كثير من العمق والموضوعية
    هي مفكرة واديبة وفيلسوفة ، حاصلة على جائزة أمير أستورياس ، وجائزة سيرفانتس ..
    هاجرت الى المكسيك ، وأقامت في نيويورك وهافانا وجنيف وروما، وفي 1984 رجعت الى اسبانيا
    عقب وفاة فرانكو ب 9 سنوات .
    سيدة عظيمة حقا سميت باسمها أكبر محطة للقطارات عالية السرعة في مالقة
    وأصدرت مصلحة البريد والهاتف طابعا للذكرى باسمها في6 نيسان / أبريل 2015
    وأطلق اسمها على أكبر مركب للنجدة في البحرية الاسبانية
    الشكر والتقدير لسعادة السفير محمد محمد خطابي على هذه الجهود المثابرة في خدمة الثقافة ..
    تحياتي وشكرا لكم جميعا والى اللقاء.
    .HASTA LUEGO