في ديوانية كمال الصليبي (Ⅺ): لبنان ساعة سويسرية وكتابة التاريخ على هدي صالح بن يحيى

سليمان بختي

نادرا ما انعقدت ديوانية الاحد في منزل المؤرخ كمال الصليبي ولم يحضرها- عرضا او قصدا- احد تلاميذه المنتشرين في العالم. اوصدف مرورهم في بيروت لزيارة الاهل في الاعياد او لاتمام امر او انجاز عمل. كان يعاملهم بحنو ابوي نادر ويهتم لاخبارهم وانجازاتهم ويتذكر معهم سنوات دراستهم في الجامعة الاميركية. وبعضهم يتذكر مرويات الصليبي في تلك المحاضرات واسلوبه المميز في التعليم. وكذلك نادرا ما كان يمر صحافي اجنبي الى لبنان ولا يزور كمال الصليبي ويستأنس بآرائه ويسترشد بنصائحه.

اخبرنا كمال الصليبي انه كان بزيارة لرئيس تحرير جريدة النهار ميشال ابو جودة في مبنى النهار في شارع الحمرا. واعجبه تشبيه ابو جودة لبنان بالساعة السويسرية التي تعمل بدقة، وان الاختصاصي الوحيد الذي بامكانه تصليح هذه الساعة اذا ما تعطّلت هو الفرنسي. ولكن ثمة من ضرب هذه الساعة بالحائط وما عاد مصلحها متيقّنًا بامكانية اعادتها للعمل من جديد. وابدى ايضا اعجابه بهذا القول للصحافي اللمّاح ابو جودة ومفاده:” الذي يعرف لا يحكي، والذي يحكي لا يعرف، والذي ليس لديه لا يفعل، والذي يفعل ليس لديه”. علّق كمال الصليبي على ما نقله عن ابو جودة بالقول:” كل معرفة صحيحة تتضمن قدرا من نبذ المتداول”.

سألته من كان مثالك في كتابة التاريخ؟ قال:” انا اكتب التاريخ على هدي صالح بن يحيى مؤرخ بيروت بقوله:” اردت ان اجمع شيئا يستفيد من الخلف في معرفة اخبار السلف. لاني لا اريد متغاليا ان يصفهم بأزيَد مما فيهم، ولا حسودا فينعتهم بما ليس فيهم”.