عناية جابر ما أجملك (*)

شوقي أبي شقرا

عناية جابر تلك العاطفة والسيّدة والحياة النبيلة ولا تنام. وتلك الموهبة حيث البهاء والذكاء. وتلك المتقدمة في ما هو ينضح من قلم التي رحلت مسرعة عن دنيانا. عن الميدان وعن ربوع الوسط الفني والأدبي. وحيث البئر والسخاء واللعبة العميقة التي هي كانت تؤلفها وتملكها حقاً وتماماً. وحيث النظرة عندها كأنها غزال يروح يرتعش لأدنى عبرة وعظة لأدنى التفاتة. وحيث الهواء وحيث الريح وحيث هي السيدة والآمرة. وحيث هي تلك المنارة كانت تديرها صوب البحر، بحر الأدب وبحر الكلمة وبحر السفر والجاذبية الناعمة. بل تلك المرأة تلك الصبية كأنها تعزف حين تحمل الدواة والحبر والقلم الذي يسكر من كونها أنثى شديدة الطلب والراقية في مسارها في لطفها وفي عذوبتها. وفي أنها إذ رحلت انكسر الأناء، أناء المحبة والغزل الذي يسترسل في أواره. وأناء الصباح حين هي كم أطلّت حاملة الأنس وشجاعة القول والبركة المديدة. بل ذلك الحصاد من عندها، من ذلك، من الاعتدال والحماسة لما يتم من الشأن الجلل، ومن أن السفينة التي هي تملكها واعية وغير واعية، وتذهب سعيدة البال في القول وفي الحكم. وفي أنها تحمل الرأي وترسله إلى القارئ. رسولة في حقول الأدب وسهول الحرية. وذلك هو مجدها لتكون قمر الوعي وذات مهابة وذات لعبة كم هي جميلة وكم هي على مقربة من المدارات الفنية المشرعة ومن الحرارة الباذخة والتي تتصاعد مما هو جيد أو حريّ بالوجود وأن يكون أثره ذلك الفعل النيّر وذلك البعد يروح دائماً إلى الكيان، إلى العقل ليكون الحرية والى الجسد الريان ليكون المثال.

*

وعناية جابر لعلّها في ما هو شأنها وكم تملك من التأثيرات ومن الحكم المسترسل في سرعته المدروسة والغنية بالحياء، بالبعد عن الأسفاف وعمّا يعطل الجناح أو الجناحين لكل طائر مثلها طائر يهوى السكينة ويهوى الانغماس في البحث عن الطرفة، عن القيمة وعن المنزلة التي توجد في أي حكاية وأي نصّ. وكنّا نشعر معها شعور المحبة والكياسة، وشعور التي يليق بها أن تكون الحياة هي الرسولة لها هي المنشودة، وأن تثابر، وهي في الرحلة الأخيرة، على أنها تظلّ عالية القامة وخلاّبة المسار وتجلب السعادة إلى القوم إلى الناس إلى القرّاء والى موهبتها نكهة سرمدية، نكهة لا تزول ولو ثمّة شاطئ لا يمنع الوصول إلى أنها كم جميلة بل كم الأجمل.

***

(*) 12/ 5/ 2021