كل نفس ذائقة الموت… والموت حق

Views: 420

عوني الكعكي

اليوم أحسست بأني أصبحت يتيماً.

فقدت والدي وكان عمري سبع عشرة سنة وعدّة أشهر، فتولّت والدتي المرحومة «جانيت» وإسمها على بطاقة الهوية «حَنّة»، شؤون إدارة الجريدة، وظلت حتى عام 1970 يوم دخلت الجامعة أنا وشقيقي معين. وكانت شقيقتنا هدى لا تزال صغيرة، وما زلت أذكر أني كنت مسؤولاً عن شقيقي معين لأنه لم يكن قد وصل الى سن الثامنة عشرة، فكنت أنا الوصي الشرعي عليه من قِبَل المحكمة الشرعية.

على كل حال، ما أستطيع أن أقوله إنها لم تكن زوجة مخلصة وصالحة لوالدي المرحوم خيري الكعكي فقط، بل كانت شريكة له في مهنة المتاعب، وهي التي أنقذته من محاولة قتل تعرض لها عقب ما كتبه في «الشرق» بعنوان رئيسي «المانشيت»: السلطان سليم هو الذي يحكم، في اشارة الى شقيق الرئيس بشارة الخوري.

فالمرحوم خيري كان من أوائل وكبار الصحافيين اللبنانيين، لا بل علماً من أعلام الصحافة اللبنانية حيث كان للصحافة اللبنانية دور كبير في العالم العربي يومذاك.

السيدة جانيت والدتي كانت صديقة لزوجة الملك سعود، التي استطاعت أن تلعب دوراً في تعريف زوجها الملك سعود الى والدي يوم كان منفياً الى اليونان. وقد استطاع والدي أن يلعب دوراً مع الرئيس جمال عبد الناصر والملك سعود حيث اقتنع الملك بالذهاب الى مصر.

 والدتي الحنون رحمها الله، كانت صحافية عام 1948، وأصدرت أوّل مجلة نسائية كان اسمها «المرأة والفن»، وكان شريكها رحمه الله الاستاذ الصحافي بيار روفائيل. وعندما تزوجت عام 1949 وأنجبتني عام 1950 قالت لزوجها: لن أستمر في عملي الصحافي لأنّ بيتي وأولادي أهم بالنسبة لي من الصحافة… وهكذا تركت الصحافة وتفرّغت لشؤون المنزل.

لكنها عادت عام 1968 الى الصحافة لاضطرارها للإمساك بالجريدة بعد وفاة والدي حيث كنت أنا وشقيقي في صف «البكالوريا».

عام 1970 كما ذكرت نزلت أنا وشقيقي الى الجريدة، وكنا في الوقت نفسه في الجامعة وفي العمل أي في الجريدة.

أكتفي بهذه الكلمة المختصرة عن تاريخ هذه المرأة المجاهدة، التي استطاعت وحدها أن تكون الأب والأم في وقت واحد، واستطاعت أن لا تسمح لأي خلاف بين أبنائها مهما كان السبب، فكانت صمام الأمان للعائلة… وببساطة أكرر القول: لقد أصبحت اليوم يتيماً.

*

.موقع “الف-لام” يسأل الله أن يسكن الفقيدة الغالية فسيح جناته ويلهم نجلها نقيب الصحافة الزميل عوني الكعكي وذويها ومحبيها الكثر الصبر والسلوان… المسيح قام، حقًا قام…

*

الصورة الرئيسية: والدة نقيب الصحافة اللبنانيّة عوني الكعكي الراحلة السيدة جانيت إبراهيم فارس

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *