التجارة الدولية بدون لبنان: هل هي ممكنة؟

Views: 361

حنان فرحان

في 2 حزيران من هذا العام  يبدأ  منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي (SPIEF)عمله في روسيا.

 تعدّ منصة الأعمال الدولية هذه واحدة من أولى المنصات التي تلتقي بوفود من مختلف البلدان بعد فترة التراجع العالمي التي حدثت بسبب جائحة فيروس كورونا. روسيا تستطيع القيام بذلك، إذ أنّها:

 دولة تنتج عدة لقاحات عالية الفعالية في وقت واحد، وتساعد البلدان الأخرى على مواجهة الوباء، وتستعيد في نفس الوقت العلاقات الاقتصادية التي تقطّعت وترهّلت في الفترة الماضية.

 بالنسبة للبنان، الذي يُعتبر تقليدياً مركز التجارة الدولية في الشرق الأوسط، قد يكون للمنتدى القادم في سانت بطرسبرغ أهمية خاصة.

في الوقت الذي يقرر فيه العالم بأسره كيفية هزيمة الفيروس التاجي أخيراً، يحتاج لبنان أيضاً إلى التغلب على أزمة اقتصادية عميقة. الخلافات الداخلية في المجتمع، والانفجار في مرفأ بيروت، والوباء، والجوار مع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وعدد من المشاكل الإدارية والاقتصادية المتراكمة، ليست أفضل المساعدين في استعادة النظام المالي، والزراعة، والصناعة، والقطاع الخاص، ولا سيما مجال الخدمات والسياحة. في الواقع، أكثر من نصف اقتصاد البلاد مهدد، وانخفض مستوى المعيشة 10 مرات في السنوات الأخيرة. نعم، لحسن الحظ، تمكّنا بالفعل من إزالة العديد من القيود، وبدأنا في تطعيم مواطنينا ونعود تدريجياً إلى أسلوب حياتنا المعتاد. لكن حتى نهزم الفيروس في النهاية، يجب أن يترافق ذلك مع استعادة الاقتصاد بشكل فعّال. نحن بحاجة إلى لقاح.

سجل لبنان سبوتنيك الخامس الروسي، ويجب البدء في اتخاذ الخطوات التالية لذلك. في مكان انعقاد منتدى سانت بطرسبرغ سيتم إبرام اتفاقيات لتوريد اللقاحات الروسية إلى دول أخرى: هل سيكون لبنان من بين هذه البلدان؟ بالإضافة إلى ذلك، وفي إطار المنتدى، سيتفاوض صندوق الاستثمار المباشر الروسي مع شركاء أجانب حول نقل التقنيات لإنتاج لقاحات ضد فيروس كورونا. مثل هكذا إنتاج في لبنان يمكن أن يساعد ليس فقط لبنان، ولكن المنطقة بأسرها. وهذا من شأنه أن يعطي دفعة إضافية لعملية استعادة دور لبنان كمركز دولي في الشرق الأوسط.

بالمناسبة، كما نعلم، ليس فقط الروس لديهم لقاحات، لكن الآخرين لسبب ما لا يشاركوننا التكنولوجيا أو الإنتاج.

 تجربة روسيا في مكافحة فيروس كورونا مثيرة للاهتمام، ليس فقط من وجهة نظر إنتاج اللقاح، ولذلك يعدّ تعافي الاقتصاد العالمي بعد جائحة كوفيد19 موضوعًا رئيسيًا لمنتدى سانت بطرسبرغ.

 هذا أمر مفهوم: فمن ناحيةٍ، تم تأكيد الديناميكيات الروسية بأعداد مثيرة للإعجاب، ومن ناحية أخرى، يتطلب وجود وفود من أوروبا وآسيا وأفريقيا والشرق الأوسط في أماكن الحدث أجندة دولية فعليّة وعاجلة. يحظى لبنان تقليديًا باهتمام الشركاء الأجانب كمركز مالي ونقل.

يُعد استخدام منصّات منتدى سانت بطرسبرغ لتوسيع العلاقات مع روسيا ودول أخرى فرصة جيدة للأعمال والحكومة اللبنانية.

 لطالما كان منتدى سانت بطرسبرغ محايدًا سياسياً، وتتميز جودة المشاركين فيه بممثلين مفيدين حقًا لمجتمع الأعمال العالمي والإقليمي. في ضوء أحداث السنوات الأخيرة، يجد لبنان نفسه على هامش عمليات الاندماج الدولي التي تبدأ على وجه التحديد في مثل هذه المواقع، لذلك فالمشاركة في مثل هذه الأحداث هي فرصتنا للعودة إلى الساحة العالمية كلاعب كامل، واستعادة مكانتنا الاجتماعية والاقتصادية بثقة.

لا شك أن روسيا بحاجة إلى منتدى سانت بطرسبرغ، لكن رجال الأعمال اللبنانيين في حاجة إليه أكثر من ذلك، حيث تتطلب علاقاتهم الدولية إعادة ضبط وتوسيع في بيئة التجارة العالمية سريعة التغير اليوم، خاصة إذا اعتبرنا المنتدى فرصةً لجذب الاستثمار في الاقتصاد اللبناني.

لماذا يقدّم رجال الأعمال الأفارقة والآسيويون والأوروبيون مشاريعهم على هذه المنصة ونحن لا نقدمها؟ إن مكانتنا الخاصة في المنطقة تميزنا بشكل إيجابي عن العديد من “الجيران” ، وتجربة المشاركة في التجارة الدولية تجعل لبنان جاذبًا بشكل خاص للمستثمرين. والآن من المهم بشكل خاص أن نثبت للعالم أن بلدنا لا يزال قادرًا على أن يكون شريكًا اقتصاديًا كاملاً وموثوقًا به في التكامل الدولي لعصر الانتعاش الاقتصادي العالمي.

كما نعلم ، فإن أي غياب يتم ملؤه عاجلاً أم آجلاً بحضور شخص ما. إذا لم يستعيد لبنان مكانته الرائدة في التجارة الدولية، فسيحل محل بلدنا لاعبون إقليميون آخرون. عندها لن يكون لممثلينا حقًا ما يفعلونه في أماكن مثل منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي. وستتعافى التجارة الدولية وتتطور. لكن بالفعل بدوننا نعم، هذا ممكن.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *