“اللّيلُ سيتركُ بابَ المقهى”… جديد الشاعر الإماراتي محمّد عبدالله البريكي

Views: 67

أمل ناصر

بين الليل والأمكنة ألف سؤال وسؤال، تارة تغلفه الفلسفة وتارة أخرى يرتسم في حناياه غموض وقلق، الليل هو هذا الثابت والمتحوّل في آن، تتماهى معه الأحلام والتطلعات والآلام والانتكاسات والانكسارات والمرارات…

الشاعر الإماراتي القدير محمّد عبدالله البريكي (مدير بيت الشعر في الشارقة ومدير مهرجان الشارقة للشعر العربي) غاص في أنواء الليل على أنها صورة لمداركنا التي لا يمكن أن تنكسر على أرصفته مهما بلغ بها البؤس والخوف، وذلك في ديوانه الجديد “اللّيلُ سيتركُ بابَ المقهى” الصادر حديثًا عن “دار موزاييك للدراسات والنشر”.

على مدى 27 قصيدة تتنوع بين العمود والتفعيلة، يغوص الشاعر في القضايا الوجودية التي تؤرق الإنسان المعاصر، منطلقًا من تجاربه في علاقاته مع الناس وفي الحياة… كل ذلك ضمن نفس شعري خلاق لدى الشاعر وقدرته على استحضار التراث وتوظيف شخصياته وأحداثه في خدمة قصيدة تتميز بحداثتها وحداثة مواضيعها والقيم التي تعالجها.

ينضم هذا الديوان إلى سلسلة دواوين ومؤلفات الشاعر من بينها:

ديوان “زايد” إهداء للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. همس الخلود (شعر شعبي)، “سكون العاصفة” (شعر شعبي)، “ساحة رقص” (شعر شعبي)، “على الطاولة” (قراءات في الساحة الشعرية الشعبية)، “بيت آيل للسقوط” (شعر فصيح)، “بدأت مع البحر” (فصيح)، “الشارقة غواية الحب الأبدي”، “بيوت الشعر مشاهد وإضاءات”.

من الديوان مقطع من قصيدة “منجل لا يقص الشجر”

***

“منجل لا يقص الشجر”

محمد عبدالله البريكي

ليسَ لي غيرُ هذا الذي ورّثَتْهْ العصورُ لحُلمي

أبي كانَ يحلُمُ أنْ لا أغادرَ مِحْرابَهُ

وأنا كنتُ أنوي الدُّخولَ إليهِ

ولكنَّ عصفورةً فوقَ مئذنةِ الحيِّ

كانت تُغنّي

“قِفا نبكِ”

قلتُ سأمسحُ دَمْعَتَها

ثُمَّ طارتْ

تَعَكّزَ قلبي على الرّيحِ يَتْبَعُها

فإذا بامْرئِ القَيْسِ يَجْلِسُ في أوّلِ الضَّوْءِ

ثُمَّ هناكَ جَريرُ، الفَرزدقُ، بشّارُ، والمُتنبّي،

المعرّي، ابنُ زيدونَ، ولّادةٌ،

وكثيرٌ منَ الضَّوْءِ يجذبُ قلبي الذي صارَ مِثْلَ الفَراشةِ

تَهْرُبُ للضَّوْءِ

والشَّهْقَةِ الحارِقَةْ

جِئْتُكُمْ أيُّها الطّيّبونَ بأحْلامِهِم

وبأحْزانِهِم

في يدي سَيْفُ عَنْترةَ الآنَ لا يَعْشقُ الحَرْبَ

بل يتزيّا بهِ ليَحوزَ رضا ابنةِ مَالكِ

جِئْتُ بجُدرانِ ليلى

وشَيَّدْتُ بيتاً أنيقاً بلا مدخلٍ

ربما أتسلّى بأحْزانِ مجنون ليلى

وأشهدُ قَلباً حَزيناً بكى

فتفجّرتِ الأرضُ ماءً

نعيشُ بهِ اللّحْظةَ الباقيةْ

 

أيُّها الطيبونَ

أنا ابنُ الحقولِ

أبي مِنْجَلٌ لا يقصُّ الشجرْ

يُهَذِّبُ ما يزعجُ الدربَ والعابرينَ

ولا يتجنّى على طَلَلٍ نَبَضَتْ فيهِ روحٌ

وغنّى حَجَرْ

 

أيُّها الطيِّبونَ

إذا بَدَأَتْ أغنياتُ المحبِّ “بسِقْطِ اللّوى”

تبدأُ الأغنياتُ الأنيقةُ أيضاً

على بابِ حقلٍ قديمٍ يَحُكُّ بأطلالِهِ الغيمَ

تبدأُ أيضاً على ضفّةِ النهرِ

أو ساحلٍ

أو خيالْ

فلا تشغلوا النايَ حينَ يغنّي

بهذا الجِدالْ

الطريقُ المُؤدّي إلى البيتِ

قلبُ عجوزٍ بَكَتْ طفلَها بعدَ أنْ خَطَفَتْهُ الرصاصةُ

هلْ سأدوسُ على قلبِها

أمْ سأمسحُ دمعتَها النازفَةْ؟

 

أيُّها الطيّبونَ

عليَّ،

عليكمْ

على إرثِنا الأبديِّ السّلامْ.

(https://www.saasgenius.com)

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *