«مكشفين وماشيين»

Views: 278

خليل الخوري

انا انتمي الى جيل يكاد لا يصدق ما يراه في الطبقة السياسية الحالية من فساد وتجاوزات وارتكابات (…) وفوق هذا كله فجور ووقاحة وقلة حياء نادرة… وأركانها هم الذين يغوصون في المعاصي ولا يستترون.

قلت، مرات، من على هذا المنبر ان اهل السياسة في الزمن الجميل لم يكونوا انبياء وأولياء، ولا هم كانوا قديسين وأنبياء، ولا معصومون من الاتقياء الانقياء… ولكن، بالتأكيد، كان عندهم حد من الحياء.

اما جماعة هذا الزمن الممعن في الرداءة فيصح فيهم القول العامي: «مكشفين وماشيين»؟!.

لذلك فأنا من جيل الذين تذهلهم تصرفات، وتعذبهم أقوال، وتفجعهم مسارات…

ان الوقاحة استبدت بهؤلاء القوم الى درجة ان  الواحد منهم يستطيع، بكل عين «مفنجرة»، ان يدلي بحديث صباحا ثم يقول عكسه بعد ساعات. وان يحدثك في مسألة تشكل له فضيحة واضحة جلية، فيعتبرها انجازا، بينما هي تتسبب بأهوال. وأن يكذب على طريقة غوبلز الذي كان يروج لهتلر والرايخ الثالث وفلسفته: (اكذب… ثم اكذب… ومن ثم أكذب… فلا بد من ان يصدقوك).

أجل! لم يسبق ان اجتمعت طبقة سياسية في بلد واحد وزمن واحد برداءة هذه الطبقة الفاشلة والتي قادت البلد، طوال عقود بلغت ذروتها في هذه المرحلة، الى هذه الازمات، في المجالات كلها، وعلى الصعدان كافة.

وكي لا نتهم بالمبالغة او الشطط والذهاب بعيدا، نتوجه بالسؤال التحدي الآتي ومتفرعاته:

أولا- من هو المواطن اللبناني الذي يستطيع ان يرفع عقيرته عن اقتناع وجداني، ليعلن انه يتشرف فعلا بالانتماء الى هذا الزعيم وذاك الرئيس حزب وذلك الاقطاعي؟

ثانيا- من هو اللبناني الذي يقتنع في وعيه الكامل بأن زعيمه ليس فاسدا او مجرما او غبيا او متواطئا او مرتكبا؟

ثالثا- من هو اللبناني الذي يعتز بعبقرية زعيمه؟

رابعا- من هو اللبناني الذي تكون لديه اقتناع تام، لا تشوبه شائبة، بأن زعيمه أو قائده أو رئيس حزبه يمثل  تطلعاته الحقيقية لمستقبل البلد، ولا «يمثل» عليه؟!.

خامسا- من هو اللبناني الذي يقبل الخطاب الذي وجهه الخارج، ويوجهه كل يوم تقريبا، الى الطبقة السياسية اللبنانية بلهجة التأنيب والتوبيخ والاهانة، بل وامتهان الكرامة، من دون أن يستثني أحدا منهم، ومن دون أن يرف لأحدهم جفن؟!. وفي هذه النقطة بالذات نذكر بأقوال الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ووزير خارجيته. وللتوضيح فإننا كتبنا  هنا، في حينه، نستنكر تلك الاهانات ليس لأننا كنا ندافع عن النماذج السياسية التي ابتلينا بها، انما لأننا نرفض هكذا تصرفا أجنبيا وقحا، حتى ولو كان مصيبا…

ومن يحتمل فليحتمل هذا الحمل الثقيل.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *