القيادات الغائبة

Views: 626

خليل الخوري 

لم يسبق ان عرف لبنان غيابا مسيحيا، مثل الذي نعيشه اليوم، بالرغم من المظاهر الخداعة للقيادات التي تترأس الاحزاب وتتزعم  الكتل وتتصدر المجالس، و… تنهش في بعضها البعض، وتغرق في مستنقع الانانية.

يحدث هذا فيما سائر الاطياف اللبنانية تعتصم بالحد الادنى من توحيد الصف، على قاعدة «ولا تفرقوا». وفي نظرة بانورامية للخريطة الجيوبوليتيكية اللبنانية يتبين ان المكونات الوطنية الاسلامية تتضامن ذاتيا، واما الطيف المسيحي الذي لم يكن في اي مرة مشرذما كما هو اليوم ففي كوكب آخر… وهذا واقع تقع  مسؤوليته المباشرة الحالية والتاريخية على القيادات التي قلما تتبادل الكلام اي اثنتين منها، وهذا انعكس كراهية وحقدا على الاتباع.

الطيف اللبناني السني استطاع ان يقيم هيئة وقائية نجحت، الى حد كبير،في تظهير موقف شبه موحد، بالرغم مما يعرفه الجميع عن التناقضات الكبرى في ما بين «السابقين» الأربعة، وعن اراء بعض منهم في البعض الآخر(…). الى ذلك نجح هؤلاء الرؤساء السابقون للحكومة في أن يكون سماحة مفتي الجمهورية ركنا اساسا يبارك حراكهم، كما نجحوا في خفض (ان لم يكن اسكات) الاصوات المعارضة الى حد التحاق بعضها بهم… وهذا ما انعكس بلبلة في التكتل النيابي السني الذي نشأ معارضا لهم، وبالذات للرئيس سعد الحريري، فافتقد الى الحيوية التي انطلق بها، ولم يبق منه سوى حضور شكلي وحسب.

اما الطيف الشيعي فالثنائي مهيمن على القرار ليس الشيعي وحسب بل على القرار الوطني عموما بسبب فائض القوة، وهو ليس في حاجة الى دعم او تغطية المرجعيات الروحية. لأنه هو المرجعية وهو الذي يحلل ويحرم… ويكلف شرعا. وهو النواب، وهو الوزراء، وهو الذي يلتقي على أي قرار وطني عام، سلبا أو ايجابا… اما مصلحة الحلفاء فهي خارج هذا الحساب. هذا ما يجري على الأرض في منأى عما في القلوب.

وعلى صعيد الطيف الدرزي فقد استشعر القادة دقة الموقف منذ أشهر، فتجاوزوا حساسيات ومواقف  وأدوارا، وبات ثلاثي جنبلاط وارسلان ووهاب يمثل حالا غير مسبوقة في الطائفة.

اما على صعيد الجماعة المسيحية فالمتحكمون في امورها وشؤونها (ولا يبدو ان شجونها تعنيهم بشيء) فهم في عالم آخر، عالم البحث عن مصالحهم وانانياتهم وحسب… وغدا نتابع.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *