رؤية في الاختلاف بين ( الاتجاه والتيار والمنهج والنظرية والمذهب)

Views: 931

أ. م. د/ نور عابدين

(كلية الآداب- جامعة الإسكندرية- مصر)

 

  عند البحث عن معنى مصطلح من المصطلحات،  ينبغي  العودة إلى تأصيله اللغوي ثم مدار توظيفه الاصطلاحي، وذلك لفض الاشتباك القائم  بين حدود بعض المصطلحات وتخومها المتداخلة.

 فاتجاه من (وَجَهَ)، ومن ثم فهناك نيَّة وموضوع وطريق وغاية وهدف. كما في قوله تعالى   «فولِ وجهكَ شطر المسجد الحرام»…

وبالانتقال إلى مصطلح تيار فإنه من (تَيَرَ) أي اندفع مع أو نحو شيء، ويعني متابعة الطريق الظاهر والأقوى في وقت معين، والسير معه في فلكه بقطع النظر عن هدفه النهائي الذي يغلب عليه الضبابية وعدم الوضوح.فنقول: سار مع التيار أو ضد التيار. فالتيار هو في الأصل فكرة وجدت قبولًا عند عدد من المحيطين وليس بالضرورة استمرارها …

 أما منهج، فمن (نَهَجَ) أي شق دربه بتعب وبشق الأنفس،  وهو الهيكل التنظيمي الواضح من أجل تأطير ما سبق من اتجاهات أو تيارات، ومن ثم يكون التطبيق في النهاية غايته، بغية الاستمرار على ذلك المنوال المنهجي؛ وفقا لما  يقتضيه الأمر الفني أو الأدبي الجديد.. فيقال المنهج النفسي والوصفي وغيرها  من المناهج وليس التيار أو الاتجاه. وإن كان التيار والاتجاه  بمثابة اللبِنَات الأولى وصولا إلى المنهج.

وفيما يتعلق بالنظرية فإنها من (نَظَرَ)، أي بحثَ ثم افترضَ فرضية قد تكون قابلة للتحقيق من عدمه، وهي تقوم على التجريب ومن ثم قَبُولها التعديل والإضافة والحذف وفقا لمقتضيات التجريب والنتائج…وتكون أقرب للعلوم والرياضيات…وإذا انسحبت على غيرها من العلوم، فهذا يصب في معين أنها قد مرت بالمراحل التي ذكرناها آنِفا.

وانتهاءً بالمذهب فإنه من (ذَهَبَ يذهب ذهابا). ويعني في الأساس: الرأي أو مجموعة الآراء المتحدة الهدف، بغية توجيه السلوك والفهم ، وتقييم الأخلاق ثم تقويمها وصولا إلى الثبات، وذلك على أسس واضحة بعيدة عن عملية التجريب، بل  تنطلق من الإيمان بتلك الأسس والاقتناع بمسوغاتها الأولى الراسخة في القلب والعقل في آنٍ معًا.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *