صلاح الأسير… شاعر الواحة وثمرات الهوى

Views: 944

سليمان بختي

صلاح الأسير (1917-1971) شاعر من بيروت، هو حفيد الشيخ العلامة يوسف الأسير (1815-1889).

ولد في بيروت وتلقى تعليمه في مدرسة اللاييك الفرنسية ونال البكالوريا عام 1938 .

عمل في الصحافة في مجلة “الجمهور” لصاحبها ميشال أبو شهلا. عيّن سنة 1939 سكرتيرا لراديو الشرق ولم يطق لأكثر من سنة فقدّم استقالته وانصرف إلى الأدب .

أنشأ مجلة “الفكر العربي” مع رأفت بحيري ثم أوقفها. كان مع مؤسسي جمعية أهل الأدب وانتخب نائبا لرئيسها الشاعر صلاح لبكي. واستطاعت جمعية أهل الأدب أن تعقد في بيت مري المؤتمر الأول للأدباء العرب 1954. مثّل صلاح الأسير لبنان في المؤتمر الثقافي العربي في الإسكندرية عام 1952. نشر قصائده في مجلة “الأديب” لصداقته مع صاحبها ألبير أديب. كما نشر بعض قصائده في مجلة “المعرض”. 

 

تزوج من المطربة سهام رفقي التي عرفت بأغانيها الشعبية والقومية.

كان صلاح الأسير شاعرا موهوبا دار شعره حول الغزل والحب والصداقة. له ديوان شعري واحد إسمه ” الواحة”  وهي قصائد مختارة نشرها في “الأديب ” وغيرها.

اعتبره صلاح لبكي أنه بدأ رمزيا في قصائده الأولى لكنه تنكر لذلك في نتاجه اللاحق.

عدا قصائد الغزل والحب كتب صلاح الأسير قصائد في لبنان الوطن وكتب في مدح الرسول وله قصيدة في الملك فاروق والملك فيصل. كما أهدى بعض قصائده إلى أصدقائه الشعراء مثل صلاح لبكي الذي كان معه دائما في الشعر والسياسة والصداقة، والأخطل الصغير وأمين نخلة وألبير أديب وجورج شحاده وميشال طراد وغيرهم.

في قصيدته “رجاء” (1936) كتب صلاح الأسير :” تعالي إقطفي ثمرات الهوى/ تعالي فديتك لا تهجعي/ ونامي على ساعدي فترة/ أرى الكون يضحك من برقع”. وفي قصيدة “شذى” التي أهداها إلى الأخطل  الصغير يقول:” يمر بي منها شذى مرسل/ أسأله العودة ما أسأل/ يمر بي منها شذى لونه/ وحدّبي بها أو حبها الأول”. 

كان صلاح الأسير مع رشدي المعلوف وفؤاد سليمان ومحمد يوسف حمود من الذين انضموا إلى دعوة أنطون سعاده إلى النهضة. كتب في مجلة “المعرض” 1936 في ملف خصص عن الحزب مقالا عن القومية في الأدب. ومن مهامه في الحزب أن أنطون سعاده كلفه والأمير رئيف أبي اللمع في مفاوضة رياض الصلح لإقامة عرض حاشد في ذكرى وعد بلفور 2/ 11/ 1948 فجاء صلاح وأبلغ سعاده أن رياض الصلح رفض رفضا قاطعا ووافق فقط على اجتماع في منزل وليس عرضا في الشارع. ولكن ثمة وثائق في الخمسينات تشير إلى علاقات مالية بين أقطاب الصحافة في لبنان والسعودية وأشارت إلى علاقة للأسير مع الأمير فيصل بن عبد العزيز ولي العهد السعودي، وأنه عمل مديرا للشركة الألمانية السعودية للمنشآت الكبرى في جده – السعودية. 

كان صلاح الأسير يكتب الشعر حين تهب عليه اللحظة أو الخاطرة الشعرية. كان يكتب لمتعته الخالصة قبل أي شيء آخر. وكان يتقن وصف الصورة الحالمة مثل:” دعي البحر يحلم لا توقظيه/ ونامي على راحة الزورق/ وخلي الشموس تنام بقربك/ سكرى غرام الصباح النقي”.

نشرت له مجلة “الجمهور” قصيدة “حيرة” ومجلة “الأديب”  “وشاح” و” العطش” و” عودة” و” نشيد الأم ” و”شراع” و”شذى” و” لقاء” و”نرسيس”و” ليلة” و” إلى رداء”. عدا مقالات عديدة في “الجمهور” و”الأديب” في الشعر والثقافة والخواطر. 

كتب عنه ألبير أديب في مجلة ” الأديب” : ” شاب يحس أنه قطعة من الكون فيرى نفسه ذرة مندمجة في الحجر الصلد، متفلتة في حنايا الغمام، جارية مع الماء  ، معربدة في الكأس، جاثمة في المعابد”. 

لم يعمر صلاح الأسير كثيرا. مات ولم يتجاوز الرابعة والخمسين.

اليوم في الذكرى الخمسين لرحيله نتذكره وهو الذي تنبأ في شعره في الغياب ” فأغفو ويغفو الوجود معي”. كان يهمه من الوجود ثمراته وما يقطفه من جمال في لحظة ولهى.

ترك صلاح الأسير مجموعة شعرية صغيرة ولكن فيها ومضات جميلة وجديدة ومتميزة. وكأنه ودع نفسه في شعره قبل أن تودعه الحياة فكتب: “وألوي غريب الخطى في التراب/ وعيناي في ملعب الأنجم”.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *