كي لا يعتادوا

Views: 54

خليل الخوري 

 

نود أن نُعرب عن الخشية من أن يتحوّل نمط العيش، البائس، في لبنان إلى حالٍ مُستمرّة يتأقلم معها اللبنانيون ويعتادونها وتُصبحُ ميّزةً لهم، كما كان نمط الحياة الذي سقطَ مع الانهيار الكبير وسقوط كلّ شيء من تفاصيل يوميّات اللبنانيين.

نُبادر إلى القول إننا أسأنا التعامل مع مفهوم  الاقتصاد الاستهلاكي الذي مارسناه وعشناه طوال حقبٍ طويلة وتميّزنا به خصوصاً بإساءة استعماله، فصحَونا على هذه التعاسة التي ضربت الأكثرية الساحقة من شعبنا.

لقد كنا نُبالغ في تجاوز القدرات والإمكانات، بدليل أنّ الكثيرين كانوا يؤثِرون شراء السيارة فيما الثلاجة في المنزل فارغة، فقط من أجل المظاهر البرّاقة التي خدعَتنا كثيراً.

وسواهم كان يقصد الكازينو ليقامر من دون أن يكون يملك المال، فيقترض من المرابين، ويقع تحت ظلمهم طويلاً ولا يستطيع أن يتخلّص من الدَين فقط ليباهي، هو وزوجته، بأنهما يقصدان هذا المربع ويسهران في أرجائه.

… إلى ما هنالك من المظاهر الفارغة التي هي مجرّد وجه لا يعكس حقيقة الوضع الذي كان هو الأساس.

ومع ذلك، نعترف بأنّ ثمّة نوعاً من الحياة الزاهية كان يتمتّع بها الناس في لبنان وكانت تُبرز صورةً حقيقية لشعبٍ يُغالي في حبّ الحياة والتمتّع بخيراتها وهو يحصل على ذلك من خلال الجهد والتعب وسهر الليالي، أي أنه كان مُستحِقّاً.

أما نحن، اليوم، فأكثرية 85% من شعبنا تعيش ما دون الحدّ الأدنى بكثير، ونحو 45% تعيش تحت خطّ الفقر. وهذه الأرقام مصدرها المنظمات الدولية ذات الصلة.

وإذا كان الإفراط في فهم وممارسة سياسة المجتمع الاستهلاكي، بمفهومه الغربي، وتحديداً الأميركي، وهو أمر مرفوض، خصوصاً لنتائجه السلبية العديدة، فإنّ المطلوب أن يكون أكثر رفضاً هو هذه الحياة البائسة التي أوصلَنا إليها من تولّوا مقاليد هذا الوطن فـ»نجحوا» في تحويلنا من روّاد عيش كريم إلى ذَيل لائحة الشعوب المنكوبة.

ونخشى أن يتقزّم طموح المواطن، الصامد والصابر على شظف العيش، إلى الحصول على البطاقة التمويلية من هنا أو بطاقة الإعاشة من هناك أو انتظار الفرج الذي ليس ثمّة ما يُشير إلى أنه آتٍ.

والأنكى من هذا كلّه أن هناك رَهطاً من الفاسدين والمُفسدين في الأرض واللصوص والمافيات والمُحتكِرين، يأكلون حقوق الناس ويُتخَمون بإلتهام المال الحرام، فيما أصحاب الحقوق ينامُ أغلبهم على جوع وعطش، وبالذات على القهر والذلّ والحرمان.

 

(www.sapns2.com)

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *