قراءة في رواية ” موسم الهجرة إلى الشمال”

Views: 1130

لطيفة الحاج قديح

 كتب الكثير عن رواية السوداني الراحل “الطيب محمد صالح أحمد”، وما زال القلم منشغلاً بالكتابة عنها حتى بعد أكثر من ستين عاماً على صدورها، كيف لا وهي ما زالت طازجة كيوم ولدت من رحم الفكر المستنير، فاستحقت أن يطلق على كاتبها ” عبقري الرواية العربية”…

وكما ندخل البيوت من عتباتها، فإن أول ما يطالعنا هو العنوان الذي يمثل العتبة الأهم من حيث عتبات النص الأخرى: الغلاف والتقديم والناشر والهوامش واللوحات والخطوط، فهو يمثّل بدلالاته مدخلاُ يلج القارىء من خلاله مستكشفاً أعماق النص، محيطاً بجوانبه وأهدافه ومراميه.

وعنوان الرواية” من الناحية التركيبية ” مركّب إضافي مكوّن من مبتدأ مضاف ومضاف إليه ” الهجرة” وهو من الناحية النحوية خبرٌ لمبتدأ محذوف تقديره إسم الاشارة “هذا”، ووفقاً لهذا التقدير (هذا موسم الهجرة إلى الشمال) فإن عنوان الرواية يحتوي على إشارة تكسبه التعريف، فيتوقع المتلقي أن يصير بعد قراءة الرواية عارفا بهذه الهجرة، ملمّاً بمجرياتها، عالماً بما تشهده من أحداث، وأحاديث.

وتلك الهجرة تتمثل بالنهر العظيم الذي لولاه لما كانت بداية ولا نهاية، وهو يستقر في سيره الحتمي عاجلا أم آجلا نحو الشمال (ص 87) وكذلك بطل الرواية الأوحد الذي لم تتسع البلدة لعبقريته ولذهنه ومداركه وطموحاته، فهاجر إلى الشمال بعد اشتداد عوده.

 وكان بطل الرواية “مصطفى سعيد” قد عاش مرارة الاستعمار وشهد ظلمه واستبداده ونهبه لخيرات بلاده، وتحكمه بمفاصلها، فكان من الطبيعي أن تشتعل في ذهنه إشكالية العلاقة بين الشرق والغرب، بما فيها من إلتباس وتخبط وأزمات، ولا سيما ما يخصّ محوري الجنس واللون بوصفهما أساس ذلك الصراع عند الرجل الأفريقي، فنجدها علاقة تربّص وحذر واصطياد، ورغبة كامنة في الثأر من المستعمر البريطاني، تمثّل في العزف على قيثارة اللذة الشهوانية المدمّرة التي دفعته إلى غزو نساء البلد المضيف وإخضاعهن لرغباته الجنونية القاتلة.

وتتميّز الرواية بحيوية سردية لافتة، فهي صغيرة الحجم إذا ما قيست مثلاً برواية “مئة عام من العزلة” للكاتب الشهير “غابريال غارسيا ماركيز”، ولكنها تنطوي على غنى وعمق وتعدّد في الدلالات والمستويات، وتفتح نوافذ عديدة على العالمين الشرقي والغربي، وترسم أبعاداً ثقافية متنوعة، وزوايا وتفاصيل مثيرة تغري المتلقي بطرح الأسئلة…

وقد حشدت شخصياتها، وبدأت تتصاعد معهم بتصاعد الأحداث التي تؤرّخها بأمانة فكان هناك صوت الراوي العليم، إلى أصوات الأبطال الآخرين، ينتقل بينهم الكاتب بخفة ورشاقة .

ولا يخفى على أحد أنه في وقت كتابة الرواية في أواسط الستينيات، كانت مجتمعات العالم العربي وأفريقيا، قد خرجت لتوّها من نير الاستعمار العسكري الطويل، متأمّلة التخلص من “جرثومته” التي خلّفها في نسيج تلك المجتمعات، (والتعبير للكاتب).فكان من البديهي للبطل، وهو الذي عاش فترة الاستعمار، أن يتأثر بما وقع عليه وعلى ابناء جلدته من قهر المستعمر ويسعى للإنتقام منه، ولكن ما هو غير طبيعي أن يأتي الثأر من خلال تعقب النساء ودفعهن إلى مثواهن الأخير، ما يدعو إلى التأمل والتساؤل: حيث يبدو وكأن أجساد هؤلاء قد تحوّلت إلى متراس حصين من متاريس الحرب مع العدو المطلوب اختراقه ثم تدميره.. . ( 132)

 كذلك كان الانتقام مزدوجاً، فالبطل لم يثأر من عدوه فحسب، بل كان يثأر من نفسه التي تلوثت بالحقد والإثم والإمعان في أذية الآخرين، ما يطرح السؤال أي سرّ يخفيه هذا البطل، ليعيش تلك الحياة الملتبسة، وكان الأجدر به أن يعود إلى بلاده متأبطاً شهاداته العالية ليخدمها.ويرفع من شأنها فيتحقق له الإنتقام..

ولا بدّ من الإشارة إلى أن الرواية تستخدم تقنية الاسترجاع ال “فيد باك” لتعود بنا إلى أدق التفاصيل. وأن زمنها لا يمتدّ فقط على مدى عمر بطلها منذ يفاعه، بل إلى ما بعد وفاته أيضاً..

ويمكن للمتلقي قراءتها على مستويات متعدّدة، من خلال تعقّب حياة كل شخصية من الشخصيات التي تجسّد كل منها رؤية مختلفة في حياة السودانيين الأفارقة، كما في العلاقة بين الشرق والغرب: 

ففي المستوى الأول يتمثل لنا كاتب الرواية السوداني الأصل، الذي ولد في كركمول في العام 1929، ويتجسد بشخصية الراوي العليم الذي هاجر هو أيضاً إلى الشمال وعاد منها بعد حصولة على الدكتوراه، ليعيش أغلب حياته في بلده بعد خروج المستعمر منه، هذا المستوى يمثل الجيل الثالث في الرواية.

أما المستوى الثاني الذي يمثل الجيل الأول فيتجسّد بشخصية الجدّ : الذي يعيش بساطة المجتمع التقليدي ما قبل الاستعمار، والذي يبدو في تلك الحقبة وكأنه بحيرة راكدة، حيث التاريخ يستمر على وتيرة واحدة من دون انقطاع، ومن دون أحداث تاريخية جذرية تهدّد النظم الاجتماعية والسياسية المتوارثة لعشرات القرون، وحيث لا وجود للآخر الغريب الذي يجعل الذات محل مساءلة أو نقد، فحياة الجد ومن يماثله عمراً لم تكن سوى امتدادا للطبيعة، فهم يعيشون بعيدين كل البعد عن التساؤل والتأمل: “الشجرة تموت ببساطة، وجدك عاش وسيموت ببساطة.. . أيام نقضيها على الأرض وبعدها ربنا يفعل فينا ما يشاء..”

ونرى جيل الوسط متمثّلاً بالبطل التي تشكّلت شخصيته بتأثير الأحداث التي عاشها في طفولته، ولا سيما شهادته على الاحتلال وفظائعه، حيث لم تتسع قريتة الصغيرة النائية لذهنه المتوقد ومداركه وطموحاته، فجاء من يساعده ليهاجر منها أولاً إلى القاهرة وهو في الثانية عشر من عمره، ومن ثم أكمل طريقه مبحراً نحو العاصمة لندن، ليكمل دراسته فيها، وهناك استطاع بعبقريته الفذة التبحّر في ثقافتها فاستوعبها وهضمها ب كل تفاصيلها ومركباتها ونال منها شهادة دكتوراه وكتب بلغتها، وحظي بوظيفة محاضر في جامعتها، ففرض احترامه على الآخرين، واستطاع أن يقيم علاقات وثيقة مع صفوة مجتمعها، وبات من المنتظر أن يكون له مستقبلا باهراً فيها، لولا أنه لم يستطع الاندماج، وكأن هنالك شيء ما يمنعه من ذلك. فلا هو استطاع العودة إلى بلده ليعيش حياة طبيعية فيها ولا هو استطاع الاندماج بمجتمع الدولة المضيفة،  فتحوّل إلى وحش كاسر ساع وراء اللذة والمتعة الجنسية الآنية غير عابىء بمصير ضحاياه.

 ويحق للمتلقي أن يتساءل: لماذا وصلت به الحال إلى هنا؟

هل هو عقدة نفسية تشكلّت له، من علاقة أمه بأبيه مثلاً، والتي أخفاها الكاتب تماماً..؟

أم هي رغبة في الإنتقام من المستعمر، تجسّدت بتلك العلاقات الشاذة مع بعض النسوة الأنكليزيات..؟

وكأن الدكتور “مصطفى سعيد” ليس سوى “ثور متوحش”(188) خلقه الله بعقل عبقري استخدمه لإشباع شهوات محرّمة؟

عاش طفولته يتيماً وحيدا مع والدته، وكأنه “مقطوع من شجرة” وقد ظلّت شخصية الأم مستترة حيث لم يفصح الكاتب عمن تكون ولا كيف ربّت ولدها، وكيف كانت علاقتها بزوجها، وما هي الصور والقيم التي زرعت في نفس الطفل مصطفى؟

بل كلّ ما يعرفه المتلقي أن الأم أعطت الحرية لولدها، وهو بعد في سن صغيرة، يحتاج إلى العطف والحنان والتربية المستقيمة، وتركته يرحل، فانقطع حبل الصرّة بينهما إلى الأبد “فلا خبر جاء ولا وحي نزل  “.

فأي تأثير كان لطفولة البطل على مجريات حياته؟

لا أحد يعرف..!

وقرّر البطل الالتحاق بالتعليم النظامي الحديث، فهاجر من قريته النائية إلى القاهرة ثم إلى بلاد الغرب ليتزود بالعلوم العالية والعمل المتخصص، ونجح في ذلك، ولكن عبقريته الشيطانية قادته إلى السجن، بعد أن نجا من حبل المشنقة، حيث استخدم ذكاءه ومهاراته في إغواء النساء، واصطيادهن، وقضاء وطره منهن، وكأنه سعى إلى تلك البلاد من أجل نيل الدكتوره ليس فقط بالعلوم الرفيعة، وإنما أيضاً بممارسة الرذيلة والفتك بالنساء، حيث يقول :”كان لا يعنيني منه (إي الغرب)إلا ما يملأ فراشي كل ليلة” .(ص 47)…

فتعرف إلى شيلا غرينور التي أغراها بالطيب والكلام المعسول فانهت حياتها  انتحارا كما يبدو من سياق الرواية ( 165_ 166) ثم كان له دور مع إيزابيلا سيمور، وهي مريضة سرطان، وأم وزوجة، اعترفت لزوجها الجراح قبل أيام من موتها بعلاقتها بالمتهم (ص 167). وكذلك كان له علاقة مع آن همند التي تحن إلى مناخات استوائية، وشموس قاسية ( 169) فكانت صيداً سهلاً ( 170) أدخلها إلى بيته وكر الأكاذيب الفادحة.(173) ووجدوها في بيتها في ” هامستيد” ميتة انتحاراً بالغاز (175).ورسالة تقول : “مستر سعيد لعنة الله عليك…”

أما جين موريس الماجنة والمفرطة في الذكاء، والتي تمثّل المرأة الأوروبية الأرستقراطية بامتياز، فقد دفعته إلى مطاردتها ثلاث سنوات، “فظلت قوافله ظمأى والسراب يلمع أمامه في متاهة الشوق إلى أن تعبت هي من المطاردة فتزوجته، ولكنها لم تمنحه نفسها إلا في اللحظة الذي اندفع هو والسكين إلى داخل جسدها الذي اتحد به في اللحظة التي يتحد بها الايروس بالثانوس…. لقبها حبيبها ب ” شهرزاد متسولة”(184_185) قتلها وهما في ذروة الوصل، التي كانت ذروة الفصل..

 وبعد أن قضى سبع سنوات في السجن،  تنقل بين أقطار البلدان الأوروبية إلى أن عاد واستقر في قرية الراوي (ود حامد) التي لا يعرفه فيها أحد..

وهناك تعرف على حسنة بنت محمود المرأة الحانية الحاضنة التي تمثل الوطن الذي عاد إليه بعد رحلة العذاب والعنف في عالم الغربة، تزوجها واستكان إليها ليعيش حياة هادئة محترمة وينجب ولدين.

ولكن لعنة الشيطان الذي نمت في نفس مصطفى سعيد وترعرعت فيه، انتقلت إليها وأخترقتها، وظلّت كامنة فيها حتى انفجرت عندما أجبرت على الزواج من رجل لا تريده.. ..

 وطبعاً للمتلقي أن يتساءل عن سبب هذا السلوك الإجرامي من البطل الذي تناقض شخصيتة شخصية الكاتب وهو من بني جلدته، مع أن ظروفهما متشابهة إلى حد كبير: فكلاهما سافر إلى إنكلترا وتعلّم فيها وحصل على شهادة دكتوراه، وكلاهما شاعر، وعاني الاغتراب في المكان  ومع ذلك لم يحمل الراوي أي مشاعر عداء لأحد، فمن وجهة نظره: “الدراما التي خلقها الاستعمار لا تحرّض على الحرب، ولكن فقط تبعث على الحزن..”. وقد عاد ليخدم وطنه وناسه ممتلئاً بشعور الشوق والمحبة والفرح، كما يفعل المهاجرون عادة..

لقد  كان للاستعمار تأثير مختلف على شخصية كل من الراوي والبطل، وذلك يعود إلى مدى تأثر كل منهما بالظروف التي تحيط به، وبالفترة التي عاشها في بلده، ومدى قوة الاستعمار وتسلطه أو اندحاره وتلاشيه..

ونعود للسؤال: ما الذي دفع مصطفى سعيد العبقري إلى الجري وراء شهواته الجنسية القاتلة، بدل العمل على خدمة بلاده والانسانية، وهو الذي نال الشهادات العالية وتبوأ مراكز ذات أهمية ..؟

وللأسف لم يكشف لنا الكاتب عن سبب استدراج البطل للنساء الأجنبيات بالتحديد ودفعهن إلى مثواهن الأخير، حيث لم يتبين أنه وهو في “ود حامد” قد ارتكب شيئاً من ذلك القبيل”

كما أنه (أي الكاتب) لم يسعى إلى تحليل شخصية البطل أو عاد إلى طفولته ليفتش فيها عن الأسباب الكامنة وراء ما ارتكب من جرائم وموبقات.

وإن كان فرويد قد قال : “إن الطفل هو أب الإنسان”، فهذا يعني إن شخصية الإنسان تتشكل في الطفولة التي لأحداثها كبير أثر على تصرفات المرء طيلة عمره..

فمن حق القارىء إذن التخمين أن شيئاً ما في طفولة البطل، شكّل عنده عقداً نفسية جعلته يتصيّد النساء الأجنبيات، ويوقعهن في حبائله، ليدفعهن إلى مثواهن الأخير..

من ناحية أخرى، لا بدّ من الإشارة إلى أن الإبداع الروائي في “موسم الهجرة إلى الشمال” يتمثل ليس فقط في تصوير العلاقة المأزومة بين الشرق والغرب، وإنما أيضاً بكشفها عن عورات المجتمع السوداني، حيث ختمها الكاتب بالجريمة النكراء وهي فاجعة موت “حسنة بنت محمود”، وزوجها الثاني، فأخبرنا أنّه وبعد موت البطل ( انتحارا كما يبدو) أجبرت أرملته على الزواج من الرجل السبعيني “ود الريس” الذي كان يبدّل النساء كما يبدّل الحمير،عزَّ عليه أن ترفضه حسنة وتقبل الرجل الغريب، فتزوجها غصباً عنها وحاول اختراقها بالقوة، فلم تتحمّل ذلك الزواج القهري فرفضته، فعض حلمة نهدها حتى قطّعها وخدشها في كل شبر من جسدها 157   فقتلته ( 155_154)

تلك الجريمة المزدوجة ليست سوى نتيجة لمعتقدات خاطئة تمسك بها المجتمع السوداني على مر العصور، ما دفع الكاتب لانتقاد الصورة النمطية للمرأة في بلاده: فقيمتها غاية في الدونية والإسفاف والانحطاط. يتحدّث عن النكاح والجماع  فيقول على لسان ” بكري”:”المصريون وعرب الشام يعرفون الأصول يتركون نساءهم كما خلقهن الله أما نحن فنجزّهن كما تجز البهيمة (101)

وعندهم تعدّد الزوجات هو القاعدة. حيث يقول “ود الريس”:

“قبيلتكم هذه لا خير فيها أنتم رجال المرأة الواحدة ليس فيكم غير عمك عبد الكريم ذلك هو الرجل”(99)

ويشبه اقتناء زوجة باقتناء حمار فيقول: على لسان “محجوب”:ود الريس كهؤلاء الناس المغرمين باقتناء الحمير، الواحد منهم لا تعجبه الحمارة إلا أذا رأى رجلاً آخر راكباً عليها….” (124)

 وينتقد فارق السن بين المرأة والرجل ويعبّر عن رفضه له بقوله: “أتصور حسنة بنت محمود في الثلاثين من العمر تبكي تحت ود الريس الذي بلغ السبعين، ويتحول بكاؤها إلى قصص من قصص ود الريس المشهورة عن نسائه الكثيرات… فيزداد الغيظ في صدري ..” (108) ويضيف:”المرأة للرجل، والرجل رجل حتى لو بلغ أرزل العمر..”( 123)

ومن المفيد ذكره إن ما أعطى الحيوية الدافقة لموسم الهجرة إلى الشمال، هو أسلوبها حيث يستخدم الكاتب من وقت لآخر اللغة بالصيغة المبالغ فيها: فهي أحيانا متوحشة بعيدة عن الرومانسية، وأحيانا تستخدم ألفاظاً عامية خشنة وغير مفهومة ولها مدلولات غير واضحة: أشمشم الهواء ( 47)، تفلفص ( 93) _ أتفحش معهن_ أبرطع_ كالطبنجة المكرمشة ( 98)    بنت البلد تعمل الدلكة والدخان والريحة وتلبس الفركة القرمصيص ( 100)، بلاد الهنك والرنك(99) كما يستخدم تشابيه غريبة مثلاً: صوتها الآن حزيناً وليست فيه مناغاة ، ولكنه مشرشر الأطراف كورقة الذرة (113).

 ولا تنقص الكاتب الأمثلة العامية: شنّ يعرف متى يلاقي طبقه(51)، كما أنه يجمع الكلمات على غير ما تعودت عليه الأذن: كان صوته يطفو كأحوات ميتة على سطح الماء(113) …كل ذلك يجعلنا نعتقد أن الرواية تحتاج إلى حواشي…

وبعد، فإن الدروس والعبر التي يقدمها لنا الطيب صالح في”موسم الهجرة إلى الشمال” كثيرة ونكتفي منها بما يلي:

_ إن الإنسان الشرقي بشكل عام ولا سيما الجيل الأول، عندما يهاجر إلى الغرب، قد يستفيد من البلد المضيف، فتتحسّن أحواله، وينال قسطاً من التعلّم، أو يحظى بفرصة عمل جيدة، أو يجمع المال. ولكنّه لن يستطيع مهما حاول، الاندماج الكلي في مجتمع الغربة، لأن جذوره تكون ما زالت راسخة في تراب بلده الأم تتشرب من مائها، وتتبع تقاليدها وعاداتها، فيعيش ازدواجية ضدية بين الحفاظ على تقاليد بلاده وعاداتها الموروثة، وبين قيم وعادات البلد المضيف، وسوف تظل أفكاره وأحلامه تتطلع للعودة إلى الوطن..

_ إن الشهادات العالية والنجاح العملي وحدهما لا يوصلا الإنسان إلى السعادة، فلا بد للتوازن النفسي والأخلاق الحميدة أن يكونا رديفين للعلم والنجاح ليوصلا الإنسان إلى الاستقرار والطمأنينة ..

_ الزواج رباط مقدس يجمع بين رجل وامرأة، يبنى على القبول والرضى من قبل الطرفين، أساسه المشاركة الحقيقية، ويدعمه التفاهم والتعاون والمحبة..

_ إن سلوك الطريق المعوج لا بد أن يوصل صاحبه إلى الهاوية ولو بعد حين..

طيب الله ثراك أيها الطيب الصالح، لقد أتحفتنا بعمل روائي سوف يبقى خالداً ما دامت الرواية على قيد الحياة…

 النبطيةفي 30 أيلول 2021

 

 

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *