ناطورة المفاتيح

Views: 15

د. جان توما

 

حالتنا في البلد أشبه بجسر الفنون بباريس، فوق نهر السين، فعلى ضفتيه أقفال لعاشقين، ارتبطوا، كتبوا أسماءهم بالحبر،  أو نقشًا على معدن القفل،.

 اقفلوا على حبّهم، رموا المفاتيح في النهر، وذاك كان يومًا قيل فيه: ” الهوى أنتَ كلّه والأماني ، فاملأ الكأس بالغرام وهاتِ”. ولكن لما “دارت الأيام، ومرّت الأيام، ما بين بعاد وخصام”، واتّضح أنّه “بعد حين يبدّل الحبُّ دارا،  والعصافير تهجر الأوكارا ” ما عادوا وجدوا  المفتاح حيث قيل: ” آه من قيدك أدمى معصمي، لِمَ ابقيه وما أبقى عليّا”،  وما عادوا يجدون حلًا لفتح الأقفال وأبواب الأمل.

تعب الجسر من الحكايات ومن أحاديث الحالمين، ومن أوجاع المتألمين، ومن أصحاب الأفئدة الخافقة. صارت الأقفال الصامتة، البلا هويات، المتروكة لقدرها، تشكّل خطرًا على الجسر لثقلها، وقد تخطّى عددها  المليون قفلًا، فقررت بلدية باريس عام ٢٠١٤ نزعها بعد أن أصبحت هذه الأقفال تهدّد الجسر بالسقوط، بسبب ثقلها الكبير .

منذ ان بدأت العملية في أول حزيران عام ٢٠١٥، اهتزّت قلوب الذين مرّوا فوق الجسر بنبضة قلب غريبة. لعلّ البحر احتضن مفاتيح الملح، ولكنه أيضًا جمع مارد الروايات في قمقمٍ، وأودعه قلب العابرين من هنا. لعلّ قعره يسأل عن ملامح الوجوه التي انعكست على سطحه، يوم سلّمه اثنان مفتاح قلبيهما.

حالتنا كحالة الجسر، علينا أن نفتح هذه الأقفال الضاغطة على صدورنا، ونجد مفاتيح الحلول لمشاكلنا، أو سيبقى الجسر متأرجحا بنا، أو سنصير كأولئك الذين “يَعْبرون الجسرَ في الصبحِ خِفافًا، أضلعي امتدّتْ لهم جسرًا وطيدْ”.

(Buy Phentermine)

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *