طائرات من دون طيّار: السلاح الأفعل لمختلف الأهداف والمهمّات

Views: 847

العميد الركن م. صلاح جانبين

 

الطائرة المسيّرة أو الطائرة من دون طيّار(UAV) (unmanned aerial vehicle) التي تُحرّك وتوجّه عن بعد، أو الطائرة المبرمجة مسبقًا أو الدرون، تسميات عديدة لأهداف ومهمات متعدّدة على اختلاف المسافات والمناخات في الليل كما في النهار. ذات قيادة ذاتية عن بعد تحمل على متنها كاميرات تصوير وأجهزة استشعار ومعدات اتصالات وأسلحة متطوّرة، وغيرها من الحمولة اللوجستية. تستخدم لأغراض مدنية في النقل والتصوير، ومكافحة الحرائق المشتعلة بتحديد موقعها وإحداثياتها بواسطة الأقمار الصناعية، حيث يتم توجيهها لإطفاء الحرائق ما يقلّل من المخاطر التي يمكن أن يتعرّض لها الطيّار، ومراقبة خطوط النقل والكهرباء والتهريب على الحدود، بالإضافة إلى إمكانية كشف درجات الحرارة وسرعة الرياح والأعاصير كل نصف ثانية عن طريق اتصالها بالأقمار الصناعية للتقليل من الأخطار الطبيعية، كما يتزايد دورها وأهميتها في الأغراض والعمليات العسكرية كالرصد والاستطلاع والمراقبة الآنية لأرض المعركة ولفترة طويلة ما يمكّن القائد من اتخاذ القرارات المناسبة، التشويش الإلكتروني الإيجابي والسلبي، التجسّس ونقل المعلومات، نشر الرقائق وزرع الألغام، الدعم اللوجستي، كشف المرابض المدفعية في عمق حقل المعركة، كشف التحرّكات والإصابات والخسائر اللوجستية في صفوف العدو، الهجوم وتنفيذ الأعمال الحربية كالتفجير والتخريب والإغتيالات وإشعال الحرائق، كما يمكن استخدامها كأعمال انتحارية عند فشل مهمتها أو لتدمير أهداف حيوية.

 

التجربة الأولى

أول تجربة عملية لطائرة من دون طيّار كانت في بريطانيا سنة 1917 وقد تمَّ تطويرها سنة 1924 كأهداف متحرّكة للمدفعية بعد أن سقطت طائرة التجسّس الأميركية (U-2) سنة 1960 فوق روسيا ومشكلة الصواريخ الكوبية 1962. استخدمت عملانيًا في حرب فيتنام سنة(1955-1975) وقد أطلق سلاح الجو الأميركي من طائرات النقل هركيولس (Hercules) مركبات Firebees الجوية التي تستخدم أصلاً كأهداف وتمّ تطويرها من شركة نورثروب غرومن (Northrop Grumman) لتنفذ مهام تصوير استطلاعية جوية. واستخدمت في حرب تشرين سنة 1973 بين الدول العربية و”إسرائيل” لتخفيف الخسائر البشرية في الاستطلاع، من دون تحقيق النتائج المتوخّاة منها لضعف الإمكانيات أنذاك. ويتوقّع لها في القرن الحادي والعشرين مزيدًا من المهمات تشمل المهمات القتالية تحديدًا، لا سيما أنها أحدثت تحوّلاً واضحًا في حروب هذا القرن، كونها قدّمت تطوّرًا ملموسًا في القدرة على العمل والاستمرارية وتسديد الضربات الدقيقة، من خلال الاستعلام والاستطلاع والمراقبة الدائمة لمناطق العدو، وفي حين يصعب تنفيذ هذه المهمات من قبل الطائرات الآهلة بطيّارين يتعرّضون لخطر أكيد.

 

أنواعها

من حيث القيادة، طائرات متحكّم فيها عن بعد كطائرات “البريداتور” الأميركية القادرة على توفير صور فيديوية فورية ليلًا نهارًا، وفي مختلف الظروف المناخية، وطائرات ذات التحكّم الذاتي، حيث تستعمل مثلًا باراديغمات الذكاء الاصطناعي( Paradigma) (النموذج الفكري أو النموذج الإدراكي أو الإطار النظري أو المثال أو القِياس أو الباراديم، إذ تشير الكلمة إلى أي نمط تفكير ضمن تخصّص علمي متصل بنظرية المعرفة)، كالشبكات العصبونية مثل الإكس45 لشركة بوينغ، حيثي تمتّع هذا النوع بذاتية أكبر في اتخاذ القرارات ومعالجة البيانات.

من حيث المهمات، طائرات تقوم بمهّات عسكرية متخصِّصة في المراقبة وهي الجزء الأكبر منها، وأخرى مقاتلة ومنها ما يمكن استعمالها للمراقبة والقتال في آن. وهي طائرات تكون في العادة أصغر حجمًا من الطائرات العاديةتعتمد طرق طيران ودفع مختلفة، فمنها ما يطير بأسلوب المنطاد، ومنها ما هو نفّاث، ومنها ما يُدفع عن طريق مراوح. ولطائرات المراقبة من هذا النوع مهام كثيرة منها:

*اكتشاف الأهداف الجوية، على جميع الارتفاعات

*إنذار القوات، وقيادة وتوجيه عمليات المقاتلات الاعتراضية.

*توفير المعلومات اللازمة لتوجيه الصواريخ أرض / جو.

*متابعة وتوجيه القاذفات والطائرات المعاونة.

*الاستطلاع البحري.

*توفير المعلومات لمراكز العمليات والقوات البرية.

*تنظيم التحرّكات الجوية، والقدرة على إطلاق أسلحة موجّهة من الجو الى الأرض.

*تفجير الهوائيات الرادارية أو المركبات المدرَّعة.

من حيث قوة الاحتمال، وصفت بأنها المعادية للأقمار الصناعية المحلِّقة على علو منخفض لتأمين صور عالية الاستبانة (Resolution) لأغراض الاستعلام. إذ يتوقّع تحليقها واستعمالها حتى ارتفاع 32000 متر وتحمل تجهيزات مراقبة تعمل كقاعدة اتصالات. ويمكن تزويدها الطاقة الشمسية بحيث تستطيع البقاء في الجو من أسبوعين إلى ستة أشهر.

 

خصائصها ومميزاتها

أثبتت الطائرة من دون طيّار أنها محورية في عمليات الشبكة المركزية، ومن أبرز مميزاتها ما يلي:

*تُطلق من عربة، أو من قاذف هوائي، أو من قاذف صاروخي.

*نظام استعادتها واستردادها يكون عبر الموجات والشبكة الإلكترونية، عبر مظلة خاصة بها، أو عبر الخطاف مع الوسادة.

*تعتمد نظام دوبلير(Doubler)، أو (أوميغا) في الملاحة.

*اقتصادية، إذا ما قورن سعرها بسعر الطائرة إف4 (فانتوم) الذي بلغ 6مليون دولار سنة 1962، وتكلفة الطائرة إف 15، 25مليون دولار سنة 1974 التي تساوي ثمن 1000 طائرة من دون طيار.

* توفيرية في استهلاك الوقود، مقارنة باستهلاك وقود 200 رحلة بطائرة من دون طيار مقابل رحلة واحدة بطائرة إف- 4 فانتوم لنفس المسافة ولتنفيذ نفس المهمة.

* استخدامها يقلّل في الخسائر البشرية للطيّارين.

* القدرة على المناورة تتعدّى طاقة الإنسان على التحمّل.

*التمتّع بقوة دفع متزايدة تسمح بالتحليق على ارتفاعات شاهقة.

*أقل كلفة للكادر التدريبي، إذ تُقدَّر كلفة تدريب الطيّار الواحد لاستخدام طائرة عادية (تورنادو3) لا أقل من 2 مليون دولار أميركي، أما بالنسبة للطائرات من دون طيّار فلا تحتاج لهذا الثمن الباهظ ولا يزيد ذلك عن بضعة آلاف من الدولارات، كما تتطلّب 3 أشهر فقط ليصبح المتدرّب محترفًا عليها.

*تؤمن مسحًا متواصلًا ومعلومات تسديد سريعة الاستجابة تسمح بتعرّض الأهداف للضرب خلال خمس دقائق من تحديد هويتها.

*إمكانية تنفيذ عمليات مشتركة بين مروحيات وطائرات من دون طيار كالمروحية «يو إتش- 60 بلاك هوك» الأميركية القادرة على استقبال معلومات من أجهزة استشعار المسيّرات وعلى التحكّم بها أثناء تحليقها.

*القدرة على تمييز الأطراف والمواقع الصديقة.

*القدرة على تخفيف التشويش المعادي لأجهزة استقبال بيانات نظم تحديد المواقع العالمية (GPS).

*التحكّم الجوي الأمامي (FAC) الذي يمكّن الطائرة من دون طيّار من تأدية ثلاث مهمات أساسية كالعزل الجوي، الدعم الجوي القريب، البحث والإنقاذ خلال القتال، إلى جانب تعقّب أهداف وتعليمها و/أو إضاءتها.

 

أبرز الدول المنتجة

في عام 2000 كانت الولايات المتَّحدة الأميركية تحتكر صناعة وتطوير الطائرات من دون طيّار، حيث لسنوات بعد ذلك تطوّر الأمر فأصبح انتاجها يقتصر على ثلاث دول هي أميركا وبريطانيا و”إسرائيل”. وفي العام 2010 وفي استعراض هوائي قررت الصين مفاجأة العالم بالكشف عن 25 طرازًا جديدًا من الطائرات من دون طيّار، كما أنه في العام 2011 تم تقدير البرامج البحثية لتطوير الطائرات من دون طيّار والتي تقوم عليها الحكومات أو الشركات أو المعاهد البحثية في العالم بـ680 برنامج بحثي.

وفي العام 2012 أظهر تقرير الكونغرس الأميركي بأنَّ ما يقرب من 76 دولة تعمل على تطوير وتصنيع 900 نظام من نظم تلك الطائرات، وسبب هذا الإقبال هو النجاح الذي أظهرته الطائرات خلال حرب أميركا في العراق وأفغانستان، فقرّرت الدول الاستثمار في هذا النوع من الطائرات للمنافسة العسكرية والاقتصادية، ومن تلك الدول روسيا، ألمانيا، كوريا، فرنسا، بلجيكا، تركيا، مصر، تونس، الجزائر، سوريا، الإمارات العربية المتَّحدة، السعودية، إيران، ولاحقًا تبعتها أغلبية الدول والجيوش ومنها لبنان وإن بأعداد وأنظمة متواضعة، حيث أصبح الآن شراء طائرة صغيرة من دون طيّار ممكنًا من خلال موقع أمازون بدءًا من 250 دولارا.

 

أنواعها وفئاتها

إن الاهتمام المتزايد بالطائرات من دون طيّار من أجل أن تؤدي عددًا متزايدًا من الأدوار، أفضى إلى تطويرواختبار تشكيلة واسعة، ومنها:

-طائرة غلوبال هوك تؤدي مهمات الطائرة U-2 بعد التطوير والتحسين، لكن بقوة احتمال تفوق قوة احتمالها بأربعة أضعاف، وتعتبر متمّمة أو حتى بديلة عن الطائرة الدورية البحرية.

-طائرة (A160 Humming bird Warrior) عمودية الإقلاع والهبوط من أجل دعم عمليات تكتية، حيث تستطيع التحليق حتى 2500 ميل بحري والبقاء في الجو مدة 40 ساعة مع حمولة قدرها 140 كلغ.

-طائرات من دون طيّار تطلق يدويًا(HLUAV) من قبل أفراد، وللشركات الفرنسية ريادة في تطوير هذا النوع.

-طائرات تكتية، لدعم القادة العسكريين عن طريق تقديم المعلومات الصحيحة في الوقت المناسب من على مسافات تصل إلى200 كلم فوق أراضي العدو وقواته المسلّحة. وأهم طائرات هذه الفئة:

*أطلس (Atlas Electronic Brevel)، كريسيريل (Crecerelle) وسبروير (Sperwer).

*فونيكس (Phonex)، (BQM-155 SHADOW)، هنتر (Hunter).

*ميرادور (Mirador)، طولها 52 سم وهي انتاج بلجيكي.

*(TMD-3)، يبلغ طولها 2. 1 م ، يمكن تفكيكها وإعادة تجميعها في دقائق معدودة.

*(Remanta) الفرنسية تستطيع التحليق داخل أبنية، يبلغ وزنها 1. 5 كلغ وطولها بين 15 و40 سنتم ومداها كيلومتر واحد، إذ تستطيع البقاء في الجو على ارتفاع أقصى قدره 100م لمدة 20 دقيقة.

*طائرات صغيرة جداً (Micro)، بحجم كف اليد، حيث أصبحت واقعًا ميدانيًالقصر مداها ومكوثها في الجو. تطلق من المدفع بشكل قنبلة فتصوّر كل شيء في أثناء سيرها إلى أن تصل الى نهاية المدى فتقع على الأرض وتنفجر.

*بايونير (Pioneer) تزن 4 كلغ ويمكن تجهيزها بكاميرا حرارية أو بصرية.

*رافن (Raven) تستطيع البقاء في الجو 80 دقيقة ولا يتعدى وزنها 8 كلغ.

*دراغون آي (Dragon Eye) تحلق 45 دقيقة على مدى يراوح بين 5 و10 كلم.

*بوما (Puma) تستطيع التحليق لمدة 3 ساعات.

*طائرات تطلق من الجو، مثل (Silent Eye) وهي طائرة طولها 45 سنتم ويمكن إطلاقها من (Predator) لتحلّق من دون مصدر طاقة مدة 33 دقيقة.

*غلوبال هوك- أركيو (Global Hawk RQ-4A)، تعتبر ثقيلة بثقل المقاتلة ف-16. تستطيع هذه الطائرة التقاط صور ذات دقة عالية لمناطق واسعة، وتعمل في كل الظروف المناخية نهارًا وليلًا، كما تحلّق بقدراتها الذاتية أو بموجب تحكّم أرضي.

*بوينغ إكس-45 (Boeing X-45)، تسلّح بأنواع متعدّدة من القنابل الذكية، وتمتاز بالخفاء وبغياب الذنب. طولها 8. 08 أمتار وارتفاعها 2. 94 متر ومداها 600 كلم. تعتبر أقرب الى ميزات الطائرات المقاتلة التقليدية لجهة قدرتها على حمل 8 قنابل صغيرة (SDB) تزن كل واحدة 113 كلغ وعلى إمكان تحميلها بكامل مجموعة القنابل JDAM الموجهة بنظام GPS، وقيامها بعميات الحرب الالكترونية ومراقبة الأجواء.

*غنات 750 (Gnat 750)أميركية، يمكنها حمل مستشعرات كهروبصرية أو حرارية، كما يمكن تزويدها نظام الرادار ذات الفتحة الاصطناعية SAR. تزن 520 كلغ وتحمل 150كلغ، وتصمد لفترة 40 ساعة.

*Hunter RQ-5A، قادرة على حمل 325 كلغ من الأسلحة وتستطيع أن تحمل 110 ليترات من الوقود لزيادة صمودها ست ساعات إضافية، تحتوي على 40 قنبلة صغيرة وهي تستطيع أن تحلق لمدة 21 ساعة متواصلة على ارتفاع يصل الى 1800 قدم.

 

إن الأبحاث والدراسات العسكرية تتركّز على المسيّرات والطائرات من دون طيّار، نظرًاإلى مستقبلها الفعّال خصوصًا بعد النجاحاتالتي سجّلتها على مختلف الصعد، إضافةً ما يتعلّق بالتنصت والمراقبة والاستهداف التدميري عن بعد. ناهيك عن الطائرات والمسيّرات الخفيّة التي تعتبر أسرع من الصوت ذات المسافات البعيدة للاستطلاع والقدرات العالية في الحرب الإلكترونية والإستهداف الفردي النقطي والبقعي، والتي تمنح القادة استعلامًا أفضل حول أهداف متغيّرة باستمرار، تمكّنهم من ضربها وتدميرها في كل الأوقات.

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *