اللبناني المخدَّر

Views: 16

خليل الخوري 

ليس من شعب في العالم كلّه يقف خانعاً أمام ما يتعرض له من مصائب وويلات، وتعريضه للقهر والجوع والذل والمهانة وقلب حياته إلى الأسوأ والأشد سوءاً (و…) كما يتعرض الشعب اللبناني من المسؤولين عنه ومن الطاقم السياسي الموغل في الفساد بأبشع أنواعه، وأشنع أصنافه… ومع ذلك يبقى خانعاً، يحاول أن يتأقلم مع الحال المستجدّة… وما يُفرض عليه ليس بالقضاء والقدر، ولا بالظروف الطبيعية، ولا بالمصادفات… إنما قصداً وعمداً، من الجماعة السياسية، بأكثريتها الكبرى التي أثرت على حساب اللبنانيين وحقهم في الحياة الحرة الكريمة، وعلى حساب هنائهم ورغد عيشهم ونمط حياتهم…

وبالتالي، ليس في تاريخ الأمم شعوب نُهبت أموالها وجنى أعمارها ووقفت تتفرج على الفاعلين يتلاعبون بها وبأدنى حقوقها المشروعة، ويكذبون عليها صبحاً ومساءً من دون أن يرف لهم جفن. وليس من شعب في زوايا المعمورة الأربع يسلخون جلده كل يوم بهبوط سعر عملته الوطنية فيقبل صاغراً من دون أن يرتفع له صوت اعتراض جدّي.

وليس من رعايا، ينقادون كالقطيع، يجرّون أذيال الجوع والقهر والحرمان، ولا ينتفضون ليفكّوا الأغلال التي يقيدونهم بها ظلماً وبهتاناً…

هذا ليس من الوطنية في شيء. إن هو إلا خنوع وغباء.

وهذا ليس وطنية، إنه عبودية مغلّفة، زوراً وبهتاناً، بادعاء الحرص على الهدوء وتقديم مصلحة الوطن على المصالح الذاتية… فأين مصلحة الوطن عند الذين نهبوه؟!.

وأين مصلحة لبنان عند الذين قلبوا وجهه وأوضاعه رأساً على عقب؟!.

وأين مصلحة الوطن العليا عند الذين «قرطوا» ودائع الناس وتركوهم يتخبطون في أزمات لا حد لها، بينما راحوا، هم، يتنعّمون بها حراماً، دونما، وازع من ضمير أو وجدان؟!.

وأين المصلحة الوطنية العليا عند الذين حوّلوا الشعب، الذي ألِفَ الهناء والرخاء، إلى ما تحت خط الفقر بأكثريته الساحقة، يسعى إلى الإعاشة والبطاقة التمويلية، ولا يجدها؟!.

وهل هي الوطنية في هذا السباق، غير المتكافئ، بين دولار يطير صعوداً، ومداخيل ترسف في حدود الصفر؟!

وبعد…

ثلاثة أقوال:

* لقد اسمعتَ لو ناديت حيّاً/ولكن لا حياة لمن تنادي.

*مَن يهِنْ يسهلِ الهوانُ عليهِ/ما لجرح ٍ بميتٍ إيلامُ.

* قال الإمام علي: عجبتُ لجائعٍ لا يخرجُ شاهراً سيفَه.

(https://fii-institute.org/)

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *