شتاء لبنان والاستثمار في زمن كوڤيد

Views: 341

د. فادي أبومراد

يقترب شهر كانون الثاني 2022 من نهايته، ونكون بذلك قد قطعنا شهرًا واحدًا من العام الجديد. لعلّه إذا عَلَّمَنا الوبَاء شيئاً، فهو أنّ هناك أشياء كثيرة خارجة عن سيطرتنا مَهمَا بَلَغنا من الحذر والتخطيط.

إنّ شهر كانون الثاني 2022 كان مزعجًا للبنانيين. وكأنّه شهر التعافي من مَخَاض ولادة العام الجديد. مؤلمٌ كان واستثنائيٌّ في صقيعه وذلك بسبب غياب الكهرباء وشحّ المحروقات والمتاجرة بها. بقي الحطب ملاذًا عند مَن تحضّر كالعذارى العاقلات. لم تُكرِم الشمس بطلاّتها، وحجبت  قوّة الدفء الطبيعي. ترى الخليقة بأسرها تآمرت على المواطن الصالح الذي لم يترك إلهه بل زادت مناجاته. لم يستطع اللبناني الجلوس بسخاء قرب النار التي هي ثمرة الشتاء الوحيدة كما يقول جبران خليل جبران. فأبكَت المساحاتُ المُثقلة بالثلج النفوسّ التي أربكها متحوّر أوميكرون بغلاظته في تشتّت العائلة الواحدة لحماية مرتجاة. إلاّ أنّ النور المُنبعث من مصابيح الزيت شدّد الرِكَب، وسمح القراءة وسط الدّموع الخاشعة لله الذي ما مِن قريب غيره.  

يَعميك المنجّمون على الشاشات، واهتمام الاعلام بهم. تدخّلوا بكلّ شيء حتى التكلّم بالعلوم، وتلعثمت ألسنتهم عندما فضح أمرهم نطق  المفردات… تفتّش عن منطق لتشقّ من خلاله طريقك وتعانق الآفاق بخطى شبه ثابتة. فتدرس وتُمَحّص وتكتشف هذه الومضات.

قد يكون هذا العام هو العام الأكثر نجاحًا في حياة رائد أعمال معيّن، الاّ انّه قد يكون عام الفرص الضائعة لرائد آخر. لكنّ إشارات دنيا الاعمال تشير إلى الآتي:

  1. سيتزايد عدد الأشخاص الذين ينتقلون عالميًا إلى التسوّق عبر الإنترنت. ممّا يدفع قُدُمًا التجارة الإلكترونية، وبشكل أكثر تحديدًا Amazon وWalmart وFacebook.
  1. أهمية الاستثمار في العقارات التجارية. فعلى الرغم من متحوّر أوميكرون لا تزال العقارات التجارية تُمثّل في العالم قطاعًا قويًا.
  2. عام 2022 هو عام العالم الافتراضيّ. الويب 3.0 موجود بالفعل، وعلينا جميعًا تعلّمه والتكيّف معه والاعتماد عليه.سيتعيّن على فرق التسويق والمبيعات والموارد البشريّة تدريب أنفسهم للتحرّك بسلاسة في بيئات افتراضية جدًّا ناشطة.
  3. ستصبح EdTech استراتيجية الأعمال الأكثر أهمية في العام 2022. تشكّل تكنولوجيا التعليم أهمّ صناعة استثماريّة، وبات الكثير مقتنعًا بضرورة تخصيص وقت أطول لقضائه مع أولاده والاستثمار في تعليمهم. لقد ثبت أنّ أهمّ استثمار اليوم هو تعليم الاحداث والشباب.
  4. لم يعد الأمن ترَفًا بل ضرورة مع قيود الاقفال والحجر التي فُرِضت على السّكان. عالمياُ هناك زيادة في الجريمة، سواء في المدن الكبرى أو عبر الإنترنت.
  5. على الرغم من التضخّم، سيكون عام 2022 عامًا رائعًا للاستثمار في إنتاج الغذاء. يتّجه الكثير من رجال الاعمال الى الاستثمار في الأراضي الزراعية. أظهر وباء Covid-19 بشكل جذريّ أنّ الناس بقيت بحاجة الى الطعام والشرب حتى في ظلّ الجائحة، وهذا القطاع الحيويّ لم ينقطع يومًا. هاتان الحاجتان الأساسيتان تأتيان قبل المأوى. يبقى الغذاء والاستثمار في الأراضي الزراعيّة من الاستثمارات الآمنة في أوقات الاضطرابات والتضخّم المتصاعد.
  6. التطلّع يذهب الى الاستثمارات في مجال القيادة الجَماعية وأعمال الرحمة وتعزيز الفرح من خلال بيئة تمكينية تنمّي المواهب الفريدة.

على وقع هذه الايحاءات الملموسة والموثّقة في النشر والواقع، دعونا كما – يقول جبران خليل جبران – نشرب ونغنّي أغنية ذكرى بذر الربيع الخالي من الهموم،العناية اليقظة بالصّيف ومكافأة حصاد الخريف.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *