الحسد قوة شر وبليّة النفوس!

Views: 317

 أنطوان يزبك

 كلما تكاثرت مصائبك، تكاثر حسّادك لأن الحسود يحسد على كل شيء حتى المصيبة..

يظن كثر ان الحسد لا يضر سوى بصاحبه، ولكن بينت التجارب، وكما نعلم أن الإنسان يتعلّم بالمراقبة، أن المحسود يدور دولابه إلى الوراء، ويظل يهبط بسرعة جنونية حتى يرتطم بالقاع فيتحطم وتصبح قيامته من سقطته صعبة وعسيرة، كي لا نقول مستحيلة.

يوافقني كثر من الذين خبروا الحياة وتعمقوا في سبر اغوارها وشاهدوا الويلات والملمات! ..

ليس الأمر ضربا بالمجهول ولا ميتافيزيقيات لا طائل لنا على تفسيرها، ولكن هل من ينكر أن عين الحاسد تسقط عنقود العنب عن الكرمة وقد اشتهاه أحدهم فيقال إنه ناضج إلى حد جعله ينقطع وتتناثر حبوبه، ولكن لماذا سقط في هذه اللحظة بالذات بعدما يملك الناظر في رزق غيره طمّاعا مشتهيا مفترسا برغبته وقلبه ومن كل جوارحه لذة محرمة لا يحق له اصلا حيازتها!!.

في حياتنا نتعلم الفضائل ومنها أن لا ننظر بعين فارغة ومشتهية إلى ما لدى الآخرين.

 يقول سقراط ل: “الحسد هو قرحة النفس”. يقصد أن الحسد هو مرض، فاتك ومؤلم يضرب النفس كما تفتك القرحة بالمعدة وتسبب آلاما فظيعة …

ويقول القديس يوحنا فم الذهب: “الحسد أشد الخطايا واشنعها ، لأن الحاسد يشبه الشيطان الذي يسرّ بمضرّة وهلاك البشر”.

لاشك أن الشيطان يستغلّ ضعف الإنسان وخاصة خطيئة الحسد المهلكة، فالحسد إذ يضر بالإنسان المحسود فهو أضرّ واكثر فتكا بالحاسد، وتبعات حسده وخسائرها عليه، اقوى بأضعاف من التي أصابت المحسود.

لم يكن هناك من مرآة عاكسة لمفاعيل الشر، أكثر من تلك التي يلبسها المحسود فترتد على نحر الحاسد، كعصف قاصف وتمزقه شر تمزيق.

نعم الحسد خطر كبير وقد ذكر في الآية الاخيرة من سورة الفلق كما في قوله تعالى:

قل أعوذ برب الفلق من شرّ ما خلق ومن شرّ غاسق إذا وقب ومن شرّ النفاثات في العقد ومن شرّ حاسد إذا حسد (سورة الفلق: الآيات 1-5)، وكذلك في آيات أخرى عديدة.

 يقول الإمام الشافعي:

الا قل لمن بات لي حاسدا

أتدري على من أسأت الأدب؟

أسأت على الله في حكمه

لأنك لم ترض لي ما وهب

فجزاك ربي بأن زادني

وسدّ عليك وجوه الطلب ..

الحسد من الخطايا الكبرى، هو جمرة تكوي صاحبها، تمعن فيه احراقا حتى تقضي عليه بشكل مروّع وهو بذلك يكون قد أخطأ تجاه الله وتجاه ذاته وتجاه الإنسان الذي حسده ودمّره معه لأنه يملك شيئا من متاع الدنيا لا يملكه هو ولو صبر لكان حصل على أضعاف أضعاف ما تناوله في حسده.

 ***

*الصورة الرئيسية: رسمة لامرأة تعاني من هوس الحسد للرسام تيودور جيريكو (1791–1824)

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *